( قال ) وإذا فإن كان لا يساوي عشرة دراهم بعدما شقه لم يقطع بالاتفاق ; لأن المعتبر كمال النصاب عند تمام السرقة وتمامه بالإخراج من الحرز ، فإذا لم تكن قيمته نصابا عند الإخراج لم يلزمه القطع بخلاف ما لو شقة بعد الإخراج فانتقصت قيمته من النصاب ، وذلك ; لأن سرقته تمت في نصاب كامل ثم التعيب تفويت جزء من الثوب ، ولو استهلك الكل بعد ما أخرجه من الحرز لم يسقط القطع ، فكذلك إذا فوت جزءا منه بخلاف ما قبل الإخراج [ ص: 164 ] فإنه لو استهلكه في الحرز لم يلزمه القطع ، فكذلك إذا فوت جزءا منه ، وهذا ; لأن ما استهلك مضمون عليه في ذمته ، ولا يتصور إتمام فعل السرقة فيما هو دين ; لأن إتمام فعل السرقة بالإخراج ، وذلك في الدين لا يتحقق ، فأما إذا لم تنتقص العين بفوات شيء منه بعد الإخراج ، وإنما انتقصت قيمته من النصاب بنقصان السعر فلا قطع عليه عندنا وروى سرق ثوبا فشقه في الدار نصفين ثم أخرجه هشام عن رحمهما الله تعالى أنه يقطع ، وهو قول محمد زفر رحمهما الله تعالى لأن السرقة تمت في نصاب كامل فالنقصان بعد ذلك لا يمنع استيفاء القطع كالنقصان في العين . والشافعي
ولكنا نقول : كما أن النصاب يشترط لإيجاب القطع فيشترط بقاؤه إلى وقت الاستيفاء كالثياب على الإقرار والشهادة ، وقد انعدم ذلك ; لأن نقصان السعر فتور رغائب الناس فيه ، وذلك لا يكون مضمونا على أحد ، فإنما يقطع باعتبار هذا العين فقط وقيمته دون النصاب بخلاف ما إذا كان النقصان في العين ; لأنه يتقرر الضمان عليه بقدر ما فات من العين ، فإنما يقطع باعتبار هذا العين فيما صار دينا في ذمته وهو نصاب كامل ، فأما إذا فإن كان هذا العيب يمكن نقصانا يسيرا فعليه القطع بالاتفاق ، ولأن حق صاحب الثوب في تضمين النقصان وليس له أن يضمنه القيمة إذا كان العيب يسيرا ، فأما إذا كان النقصان فاحشا فإن اختار أخذ الثوب وبتضمين النقصان فعليه القطع ، وإن اختار أن يضمنه قيمة الثوب وسلم له الثوب فلا قطع عليه في قول شق الثوب في الحرز ثم أخرجه ، وهو يساوي عشرة أبي حنيفة رحمهما الله تعالى وقال ومحمد رحمه الله تعالى : لا يقطع في الوجهين جميعا وذكر أبو يوسف رحمه الله تعالى هذا الخلاف على قلب هذا ، ولكن ما ذكر في الأصل أصح . ابن سماعة
وجه قول رحمه الله تعالى أن سبب الملك قد انعقد له في الثوب قبل إتمام فعل السرقة وانعقاد سبب الملك يمكن شبهة ، كما لو اشترى ثوبا على أن البائع بالخيار ثم سرقه منه ، وبيان ذلك أنه ثبت للمالك خيار تضمين القيمة إياه والمضمونات تملك بالضمان فعرفنا أن سبب الملك انعقد له قبل الإخراج أبي يوسف وأبو حنيفة رحمهما الله تعالى : يقولان تمت سرقته في نصاب كامل فعليه القطع كما لو كان النقصان يسيرا ، وبيان ذلك أن شق الثوب من السارق عدوان محض فلا يصلح سببا للملك إنما يكون سبب الملك ما هو مشروع وهو يقرر الضمان عليه ، وهذا الملك يثبت شرطا لتقرر الضمان كي لا يجتمع البدل والمبدل في ملك رجل واحد ، فإما أن يكون العدوان سبب المملك فلا إذا ثبت هذا ، فإذا اختار المالك تضمينه قبل أن يقطع فقد صار [ ص: 165 ] مملكا للثوب منه ، وذلك مسقط للقطع ، كما لو ملكه بالبيع أو الهبة ، وإن اختار استرداد الثوب فلم يحدث السارق فيه ملكا ولا سبب ملك فيبقى القطع عليه ومحمد