( فوائد الأولى ) في بيان منها : مد الباء من " أكبر " فيصير جمع كبر بفتح الباء ، وهو الطبل فيخرج إلى معنى الكفر ، ومنها : المد في أول " أشهد " فيخرج إلى حيز الاستفهام والمراد أن يكون خبرا إنشائيا ، وكذلك يصنعون في أول الجلالة ، ومنها الوقف على " لا إله " وهو كفر وتعطيل ، قال أمور يغلط فيها المؤذنون القرافي وقد شاهدت مؤذن الإسكندرية يمد إلى أن يفرغ نفسه هناك ، ثم يبتدئ " إلا الله " ، ومنها : أن بعضهم لا يدغم تنوين محمدا في الراء بعدها ، وهو لحن خفي عند القراء ، ومنها : أن بعضهم لا ينطق بالهاء من الصلاة في قوله : " حي على الصلاة " ولا بالحاء من " حي على الفلاح " فيخرج إلى الدعاء إلى " صلا النار " في الأول وإلى " الفلا " في الثاني والفلا : جمع فلاة ، وهي المفازة نبه على هذه المواضع القرافي والمصنف في التوضيح وابن فرحون وزاد الشيخ زروق في شرح الرسالة : مد همزة " أكبر " وتسكينها ، وفتح النون من " أن لا إله إلا الله " ، والمد على هاء " إله " وتسكينها أو تنوينها ، وهو أفحش ، والإتيان بهاء زائدة بعد الهاء من " إله " وضم " محمدا " ، ومد " حي " أو تخفيفها ، وإبدال همزة " أكبر " واوا ، وقد استخفوه في الإحرام فيكون هناك أحرى انتهى . مختصرا .
( قلت ) ويبقى شيء لم أر من نبه عليه ، وهو : إشباع مد ألف الجلالة التي بين اللام والهاء فإنه ليس ثم سبب لفظي يقتضي إشباع مدها في الوصل أما إذا وقف عليها كما في آخر الأذان ، والإقامة ، فالمد حينئذ جائز لالتقاء الساكنين ، نعم ذكر ابن الجزري في النشر في باب المد والقصر : أن العرب تمد عند الدعاء والاستغاثة ، وعند المبالغة في نفي الشيء ، ويمدون ما لا أصل له بهذه العلة انتهى . ثم رأيت في كتاب المواقيت ما نصه : " وقصر الألف الثاني من اسم الله غير جائز إلا في الشعر ، والإسراف في مده مكروه لخروجه عن حد المد انتهى .
( الثانية ) : قال في الذخيرة : اختلف العلماء في " أكبر " هل معناه كبير لاستحالة الشركة بين الله تعالى وغيره في الكبرياء ، وصيغة أفعل إنما تكون مع الشركة أو معناه : أكبر من كل شيء ; لأن الملوك وغيرهم في العادة يوصفون [ ص: 439 ] بالكبرياء فحسنت صيغة أفعل بناء على العادة انتهى . ومعنى " أشهد " أتيقن وأعلم ، " والإله " المعبود ، قال في الذخيرة : وليس المراد نفي المعبود كيف كان ، لوجود المعبودين في الوجود كالكواكب والأصنام ، بل ثم صفة مضمرة تقديرها " لا معبود مستحق للعبادة إلا الله " ، ومن لم يضمر هذه الصفة لزمه أن يكون تشهده كذبا ، " وحي " اسم فعل بمعنى : أقبل يقال بلفظ واحد للواحد والجمع تقول العرب : حي على الثريد ، أي : أقبل ، ويقال : هلا على الثريد بمعناه ، ويجمع بينهما فيقال : " حي هلا " بالتنوين وبغير تنوين بتسكين اللام ، وبتحريكها بالفتح مع الألف ، ويعدى بعلى كما في الأذان ، وبإلى وبالباء ، قاله في الذخيرة قال : ومنه الحديث { } ، " والفلاح " في اللغة : الخير الكثير ، أفلح الرجل : إذا أصاب خيرا انتهى . وقال إذا ذكر الصالحون فحيهلا بعمر الجزولي : الفلاح البقاء في الجنة الزناتي : الفلاح بالفوز بالمنى بعد النجاة مما يتقى انتهى . ولا بد من مضاف أي على سبب الفوز أو سبب البقاء في الجنة أو سبب الخير الكثير ، وظاهر كلام القرافي أن الأثر المذكور حديث وإنما وقفت عليه من قول كما ذكره ابن مسعود القاضي عياض في شرح مسلم في كتاب الأذان ، والقرطبي في النهاية ، وابن الأثير والحريري في المقامة التاسعة ، والله أعلم .
( الثالثة ) قال في شرح مسلم وغيره : الأذان على قلة ألفاظه مشتمل على مسائل العقيدة ; لأنه بدأ بالأكبرية ، وهي وجود الله تعالى ، ووجوبه وكماله ثم ثنى بالتوحيد ، ونفي التشريك ، ثم ثلث بإثبات الرسالة ، ثم دعا من أراد من لطاعته ، ثم ضمن ذلك بالفلاح ، وهو البقاء الدائم فأشعر بأن ثم جزاء ، ففيه إشارة إلى المعاد ، ثم أعاد ما أعاد توكيدا ، ونقله القرطبي ابن حجر في فتح الباري وأصله للقاضي عياض في الإكمال والله أعلم .
( الرابعة ) قال في المدونة : وإن شاء جعل أصبعيه في أذنيه في أذانه وإقامته ، وإن شاء ترك ، قال ابن ناجي : ما ذكره من أن له جعل أصبعيه في أذنيه في أذانه والأمهات ، وألحق به لمالك ابن القاسم الإقامة ، وقيل : إنه مستحب للمؤذن ، قاله أبو محمد عن ابن حبيب انتهى . وإذا استحب في الأذان استحب في الإقامة كما قاس ابن القاسم جوازه فيها على جوازه في الأذان ، قال في الطراز : وهو صحيح فإن الإقامة أحد الأذانين ، فإذا جاز ذلك في الأذان جاز في الإقامة ; لأنه لا يخل بموضعها كما لا يخل بموضعه انتهى . ولأنه أبلغ في الإسماع وما حكاهابن ناجي عن ابن حبيب حكاه في النوادر ولم يحك صاحب الطراز استحبابه إلا عن ، ثم قال : وما قاله الشافعي أرجح ، فإن ذلك لو كان من المستحسن لاستمر العمل به في مالك مسجد الرسول انتهى . ونقل قبل ذلك عن ابن القاسم أنه قال : ورأيت المؤذنين بالمدينة لا يجعلون أصابعهم في آذانهم ، وقال في التوضيح عن ابن القاسم : إنه قال ورأيت المؤذنين بالمدينة يفعلونه وتبعه ابن فرحون وكأنه سقط منه " لا " ، والله أعلم