وعن ما ظهر التعري في الطواف وما بطن الزنا وقيل : الأول طواف الرجال بالنساء والثاني طواف النساء بالليل عاريات مجاهد والإثم أي ما يوجب الإثم وأصله الذم فأطلق على ما يوجبه من مطلق الذنب وذكر للتعميم بعد التخصيص بناء على ما تقدم من معنى الفواحش وقيل : إن الإثم هو الخمر كما نقل عن ابن عباس والحسن البصري وذكره أهل اللغة كالأصمعي وغيره وأنشدوا له قول الشاعر .
نهانا رسول الله أن نقرب الزنا وأن نشرب الإثم الذي يوجب الوزرا
وقول الآخر .
شربت الأثم حتى ضل عقلي كذاك الإثم يذهب بالعقول
وزعم أن العرب لا تسم الخمر إثما في جاهلية ولا إسلام وأن الشعر موضوع والمشهور أن ذلك من باب المجاز لأن الخمر سبب الإثم وقال ابن الأنباري وغيره : إن هذا التفسير غير صحيح هنا لأن السورة مكية ولم تحرم الخمر إلا أبو حيان بالمدينة بعد أحد وأيضا يحتاج حينئذ إلى دعوى أن الحصر إضافي فتدبر .
والبغي الظلم والاستطالة على الناس وأفرد بالذكر بناء على التعميم فيما قبله أو دخوله في الفواحش للمبالغة في الزجر عنه بغير الحق متعلق بالبغي لأن البغي لا يكون إلا كذلك .
وجوز أن يكون حالا مؤكدة وقيل : جيء به ليخرج البغي على الغير في مقابلة بغيه فإنه يسمى بغيا في الجملة لكنه بحق وهو كما ترى وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا أي حجة وبرهانا والمعنى على نفي الإنزال والسلطان معا على أبلغ وجه كقوله :
لا ترى الضب بها ينجحر
وفيه من التهكم بالمشركين ما لا يخفى وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون (33) بالإلحاد في صفاته والافتراء عليه كقولهم : والله أمرنا بها ولا يخفى ما في توجيه التحريم إلى قولهم عليه سبحانه ما يعلمون وقوعه دون ما يعلمون عدم وقوعه من السر الجليل