دعاني من نجد فإن سنينه لعبن بنا شيبا وشيبننا مردا
ومنه قوله صلى الله تعالى عليه وسلم: يوسف عليه السلام» وجاء في رواية أخرى: «اللهم اجعلها عليهم سنين كسنين يوسف عليه السلام» وهو على اللغة المشهورة. «اللهم أعني عليهم بسنين كسنيونقص من الثمرات بكثرة عاهات الثمار وخروج اليسير منها حتى لا تحمل النخلة كما روي عن رجاء بن حيوة إلا بسرة واحدة، وكان القحط على ما أخرج وغيره عن عبد بن حميد في باديتهم وأهل ماشيتهم، والنقص في أمصارهم وقراهم، وأخرج قتادة في "نوادر الأصول"، الحكيم الترمذي عن وابن أبي حاتم، رضي الله تعالى عنهما قال: لما أخذ الله تعالى آل ابن عباس فرعون بالسنين يبس كل شيء لهم، وذهبت مواشيهم حتى يبس نيل مصر فاجتمعوا إلى فرعون وقالوا له: إن كنت كما تزعم فائتنا في نيل مصر بماء. فقال: غدوة يصبحكم الماء، فلما خرجوا من عنده قال: أي شيء صنعت؟ أنا لا أقدر على ذلك فغدا يكذبونني، فلما كان جوف الليل قام واغتسل ولبس مدرعة صوف ثم خرج حافيا حتى أتى النيل فقام في بطنه فقال: اللهم إنك تعلم أني أعلم أنك تقدر على أن تملأ نيل مصر ماء فاملأه ماء، فما علم إلا بخرير الماء يقبل فخرج وأقبل النيل مترعا بالماء لما أراد الله تعالى بهم من الهلكة، وهذا إن صح يدل على أن الرجل لم يكن دهريا نافيا للصانع كما قال البعض، لعلهم يذكرون أي: لكي يتعظوا فيتركوا ما هم عليه، أو لكي يذكروا الله تعالى فيتضرعوا له ويلتجئوا إليه رغبة فيما عنده، وقيل: لكي يتذكروا أن فرعون لو كان إلها لدفع ذلك الضر.
وعن أنهم إنما أخذوا بالضراء لأن أحوال الشدة ترقق القلوب وترغب فيما عند الله تعالى، ألا ترى قوله تعالى: الزجاج وإذا مسه الشر فذو دعاء عريض