أرنا إداوة عبد الله نملؤها من ماء زمزم إن القوم قد ظمئوا
وقول : إن هذه القراءة قد استرذلت لأن الكسرة منقولة من الهمزة الساقطة دليل عليها، فإسقاطها إجحاف مما لا ينبغي، لأن القراءة من المتواترات، ومثلها أيضا موجود في كلام الزمخشري العرب العرباء، وتب علينا أي وفقنا للتوبة، أو اقبلها منا، والتوبة تختلف باختلاف التائبين، فتوبة سائر المسلمين الندم والعزم على عدم العود، ورد المظالم، إذا أمكن، ونية الرد إذا لم يمكن، وتوبة الخواص الرجوع عن المكروهات من خواطر السوء، والفتور في الأعمال، والإتيان بالعبادة على غير وجه الكمال، وتوبة خواص الخواص لرفع الدرجات والترقي في المقامات، فإن كان إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام طلبا التوبة لأنفسهما خاصة، فالمراد بها ما هو من توبة القسم الأخير، وإن كان الضمير شاملا لهما، وللذرية كان الدعاء بها منصرفا لمن هو من أهلها، ممن يصح صدور الذنب المخل بمرتبة النبوة منه، وإن قيل : إن الطلب للذرية فقط، وارتكب التجوز في النسبة إجراء للولد مجرى النفس بعلاقة البعضية ليكون أقرب إلى الإجابة، أو في الطرف حيث عبر عن الفرع باسم الأصل أو قيل : بحذف المضاف أي على عصاتنا زال الإشكال كما إذا قلنا : إن ذلك عما فرط منهما من الصغائر سهوا، والقول بأنهما لم يقصدا الطلب حقيقة وإنما ذكرا ذلك للتشريع، وتعليم الناس إن تلك المواضع مواضع التنصل، وطلب التوبة من الذنوب، بعيد جدا، وجعل الطلب للتثبيت لا أراه هنا يجدي نفعا، كما لا يخفى، وقرأ عبد الله (وتب عليهم) بضمير جمع الغيبة أيضا، إنك أنت التواب الرحيم تعليل للدعاء، ومزيد استدعاء للإجابة، وتقديم التوبة للمجاورة، وتأخير الرحمة لعمومها، ولكونها أنسب بالفواصل.