قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=94ولما فصلت العير قال أبوهم إني لأجد ريح يوسف لولا أن تفندون قالوا تالله إنك لفي ضلالك القديم فلما أن جاء البشير ألقاه على وجهه فارتد بصيرا قال ألم أقل لكم إني أعلم من الله ما لا تعلمون قالوا ياأبانا استغفر لنا ذنوبنا إنا كنا خاطئين قال سوف أستغفر لكم ربي إنه هو الغفور الرحيم فلما دخلوا على يوسف آوى إليه أبويه وقال ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين
قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=94ولما فصلت العير أي خرجت منطلقة من
مصر إلى
الشام ، يقال : فصل فصولا ، وفصلته فصلا ، فهو لازم ومتعد .
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=94قال أبوهم أي قال لمن حضر من قرابته ممن لم يخرج إلى
مصر وهم ولد ولده
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=94إني لأجد ريح يوسف وقد يحتمل أن يكون خرج بعض بنيه ، فقال لمن بقي :
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=94إني لأجد ريح يوسف لولا أن تفندون . قال
ابن عباس : هاجت ريح فحملت ريح قميص
يوسف إليه ، وبينهما مسيرة ثمان ليال . وقال
الحسن : مسيرة عشر ليال ; وعنه أيضا مسيرة شهر . وقال
مالك بن أنس - رضي الله عنه - : إنما أوصل ريحه من أوصل عرش
بلقيس قبل أن يرتد إلى
سليمان - عليه السلام - طرفه . وقال
مجاهد : هبت ريح فصفقت القميص فراحت روائح الجنة في الدنيا واتصلت
بيعقوب ، فوجد ريح الجنة فعلم أنه ليس في الدنيا من ريح الجنة إلا ما كان من ذلك القميص ، فعند ذلك قال : " إني لأجد " أي أشم ; فهو
[ ص: 227 ] وجود بحاسة الشم .
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=94لولا أن تفندون قال
ابن عباس ومجاهد : لولا أن تسفهون ; ومنه قول
النابغة :
إلا سليمان إذ قال المليك له قم في البرية فاحددها عن الفند
أي عن السفه . وقال
سعيد بن جبير والضحاك : لولا أن تكذبون . والفند الكذب . وقد أفند إفنادا كذب ; ومنه قول الشاعر :
هل في افتخار الكريم من أود أم هل لقول الصدوق من فند
أي من كذب . وقيل لولا أن تقبحون ، قاله أبو عمرو ، والتفنيد التقبيح ، قال الشاعر
يا صاحبي دعا لومي وتفنيدي فليس ما فات من أمري بمردود
وقال
ابن الأعرابي :
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=94لولا أن تفندون لولا أن تضعفوا رأيي ; وقاله
ابن إسحاق . والفند ضعف الرأي من كبر . وقول رابع : تضللون ، قاله
أبو عبيدة . وقال
الأخفش : تلوموني ; والتفنيد اللوم وتضعيف الرأي . وقال
الحسن وقتادة ومجاهد أيضا : تهرمون ; وكله متقارب المعنى ، وهو راجع إلى التعجيز وتضعيف الرأي ; يقال : فنده تفنيدا إذا أعجزه ، كما قال :
أهلكني باللوم والتفنيد
ويقال : أفند إذا تكلم بالخطأ ; والفند الخطأ في الكلام والرأي ، كما قال
النابغة :
فاحددها عن الفند
أي امنعها عن الفساد في العقل ، ومن ذلك قيل : اللوم تفنيد ; قال الشاعر :
يا عاذلي دعا الملام وأقصرا طال الهوى وأطلتما التفنيدا
ويقال : أفند فلانا الدهر إذا أفسده ; ومنه قول ابن مقبل :
دع الدهر يفعل ما أراد فإنه إذا كلف الإفناد بالناس أفندا
nindex.php?page=treesubj&link=28983قوله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=95قالوا تالله إنك لفي ضلالك القديم أي لفي ذهاب عن طريق الصواب . وقال
ابن عباس وابن زيد : لفي خطئك الماضي من حب
يوسف لا تنساه . وقال
سعيد بن جبير : لفي جنونك القديم . قال
الحسن : وهذا عقوق . وقال
قتادة وسفيان : لفي محبتك القديمة . وقيل : إنما قالوا هذا ; لأن
يوسف عندهم كان قد مات . وقيل : إن الذي قال له ذلك من بقي معه من ولده ولم يكن عندهم الخبر . وقيل : قال له ذلك من كان معه من أهله وقرابته . وقيل : بنو بنيه وكانوا صغارا ; فالله أعلم .
[ ص: 228 ] قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=96فلما أن جاء البشير ألقاه على وجهه أي على عينيه .
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=96فارتد بصيرا و " أن " زائدة ، والبشير قيل هو
شمعون . وقيل :
يهوذا قال : أنا أذهب بالقميص اليوم كما ذهبت به ملطخا بالدم ; قاله
ابن عباس . وعن
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي أنه قال لإخوته : قد علمتم أني ذهبت إليه بقميص الترحة فدعوني أذهب إليه بقميص الفرحة . وقال
يحيى بن يمان عن
سفيان : لما جاء البشير إلى
يعقوب قال له : على أي دين تركت
يوسف ؟ قال : على الإسلام ; قال : الآن تمت النعمة ; وقال
الحسن : لما ورد البشير على
يعقوب لم يجد عنده شيئا يثيبه به ; فقال : والله ما أصبت عندنا شيئا ; وما خبزنا شيئا منذ سبع ليال ، ولكن هون الله عليك سكرات الموت .
قلت : وهذا الدعاء من أعظم ما يكون من الجوائز ، وأفضل العطايا والذخائر . ودلت هذه الآية على جواز
nindex.php?page=treesubj&link=7337البذل والهبات عند البشائر . وفي الباب حديث
nindex.php?page=showalam&ids=331كعب بن مالك - الطويل - وفيه : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=835308فلما جاءني الذي سمعت صوته يبشرني نزعت ثوبي فكسوتهما إياه ببشارته " وذكر الحديث ، وقد تقدم بكماله في قصة الثلاثة الذين خلفوا ، وكسوة
كعب ثوبيه للبشير مع كونه ليس له غيرهما دليل على جواز مثل ذلك إذا ارتجى حصول ما يستبشر به . وهو دليل على جواز
nindex.php?page=treesubj&link=18093إظهار الفرح بعد زوال الغم والترح . ومن هذا الباب جواز
nindex.php?page=treesubj&link=33110حذاقة الصبيان ، وإطعام الطعام فيها ، قد نحر
عمر بعد حفظه سورة " البقرة " جزورا . والله أعلم .
قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=96قال ألم أقل لكم إني أعلم من الله ما لا تعلمون ذكرهم قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=86إنما أشكو بثي وحزني إلى الله وأعلم من الله ما لا تعلمون .
قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=97قالوا يا أبانا استغفر لنا ذنوبنا إنا كنا خاطئين في الكلام حذف ، التقدير : فلما رجعوا من
مصر قالوا يا أبانا ; وهذا يدل على أن الذي قال له :
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=95تالله إنك لفي ضلالك القديم بنو بنيه أو غيرهم من قرابته وأهله لا ولده ، فإنهم كانوا غيبا ، وكان يكون ذلك زيادة في العقوق . والله أعلم . وإنما سألوه المغفرة ، لأنهم أدخلوا عليه من ألم الحزن ما لم يسقط المأثم عنه إلا بإحلاله .
قلت : وهذا الحكم ثابت فيمن
nindex.php?page=treesubj&link=18067آذى مسلما في نفسه أو ماله أو غير ذلك ظالما له ; فإنه يجب عليه أن يتحلل له ويخبره بالمظلمة وقدرها ; وهل ينفعه التحليل المطلق أم لا ؟ فيه خلاف والصحيح أنه لا ينفع ; فإنه لو أخبره بمظلمة لها قدر وبال ربما لم تطب نفس المظلوم في التحلل منها . والله أعلم . وفي صحيح
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري وغيره عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة قال : قال
[ ص: 229 ] رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=835309من كانت له مظلمة لأخيه من عرضه أو شيء فليحلله منه اليوم قبل ألا يكون دينار ولا درهم إن كان له عمل صالح أخذ منه بقدر مظلمته وإن لم يكن له حسنات أخذ من سيئات صاحبه فحمل عليه قال
المهلب فقوله - صلى الله عليه وسلم - : أخذ منه بقدر مظلمته يجب أن تكون المظلمة معلومة القدر مشارا إليها مبينة ، والله أعلم .
قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=98قال سوف أستغفر لكم ربي قال
ابن عباس : أخر دعاءه إلى السحر . وقال
المثنى بن الصباح عن
طاوس قال : سحر ليلة الجمعة ، ووافق ذلك ليلة عاشوراء . وفي دعاء الحفظ - من كتاب
الترمذي -
nindex.php?page=hadith&LINKID=3500150عن ابن عباس أنه قال : بينما نحن عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذ جاءه علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - فقال : - بأبي أنت وأمي - تفلت هذا القرآن من صدري ، فما أجدني أقدر عليه ، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : أفلا أعلمك كلمات ينفعك الله بهن وينفع بهن من علمته ويثبت ما تعلمت في صدرك قال : أجل يا رسول الله ! فعلمني ; قال : إذا كان ليلة الجمعة فإن استطعت أن تقوم في ثلث الليل الآخر فإنها ساعة مشهودة والدعاء فيها مستجاب وقد قال أخي يعقوب لبنيه " nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=98سوف أستغفر لكم ربي " يقول حتى تأتي ليلة الجمعة وذكر الحديث . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12341أيوب بن أبي تميمة السختياني عن
سعيد بن جبير قال :
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=98سوف أستغفر لكم ربي في الليالي البيض ، في الثالثة عشرة ، والرابعة عشرة ، والخامسة عشرة فإن الدعاء فيها مستجاب . وعن
عامر الشعبي قال :
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=98سوف أستغفر لكم ربي أي أسأل
يوسف إن عفا عنكم استغفرت لكم ربي ; وذكر
nindex.php?page=showalam&ids=16061سنيد بن داود قال : حدثنا
هشيم قال حدثنا
عبد الرحمن بن إسحاق عن
nindex.php?page=showalam&ids=16883محارب بن دثار عن عمه قال : كنت آتي المسجد في السحر فأمر بدار
ابن مسعود فأسمعه يقول : اللهم إنك أمرتني فأطعت ، ودعوتني فأجبت ، وهذا سحر فاغفر لي ، فلقيت
ابن مسعود فقلت : كلمات أسمعك تقولهن في السحر فقال : إن
يعقوب أخر بنيه إلى السحر بقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=98سوف أستغفر لكم ربي .
قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=99فلما دخلوا على يوسف أي قصرا كان له هناك .
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=99آوى إليه أبويه قيل : إن
يوسف بعث مع البشير مائتي راحلة وجهازا ، وسأل
يعقوب أن يأتيه بأهله وولده جميعا ; فلما دخلوا عليه آوى إليه أبويه ، أي ضم ; ويعني بأبويه أباه وخالته ، وكانت أمه قد
[ ص: 230 ] ماتت في ولادة أخيه
بنيامين وقيل : أحيا الله له أمه تحقيقا للرؤيا حتى سجدت له ، قاله
الحسن ; وقد تقدم في " البقرة " أن الله تعالى أحيا لنبيه - عليه السلام - أباه وأمه فآمنا به .
nindex.php?page=treesubj&link=28983قوله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=99ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين قال
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج : أي سوف أستغفر لكم ربي إن شاء الله ; قال : وهذا من تقديم القرآن وتأخيره ; قال
النحاس : يذهب
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج إلى أنهم قد دخلوا
مصر فكيف يقول :
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=99ادخلوا مصر إن شاء الله . وقيل : إنما قال :
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=99إن شاء الله تبركا وجزما . آمنين من القحط ، أو من
فرعون ; وكانوا لا يدخلونها إلا بجوازه .