أفأصفاكم ربكم بالبنين واتخذ من الملائكة إناثا خطاب للقائلين بأن الملائكة بنات الله سبحانه، والإصفاء بالشيء جعله خالصا، والهمزة للإنكار وهي داخلة على مقدر على أحد الرأيين والفاء للعطف على ذلك المقدر أي: أفضلكم على جنابه فخصكم بأفضل الأولاد على وجه الخلوص وآثر لذاته أخسها وأدناها، والتعرض لعنوان الربوبية لتشديد النكير وتأكيده، وعبر بالإناث إظهارا للخسة.
وقال شيخ الإسلام: أشير بذكر الملائكة عليهم السلام وإيراد الإناث مكان البنات إلى كفرة لهم أخرى وهي وصفهم لهم عليهم السلام بالأنوثة التي هي أخس صفات الحيوان كقوله تعالى: وجعلوا الملائكة الذين هم عباد الرحمن إناثا وفي الكشف: أنه تعالى لما نهى عن الشرك ودل على فساده أتى بالفاء الواصلة وأنكر عليهم ذلك دليلا على مكان التعكيس وأنهم بعد ما عرفوا أنه سبحانه بريء من الشريك بدليل العقل والسمع نسبوا إليه تعالى ما هو شرك ونقص وازدراء بمن اصطفاه من عباده فيا له من كفرة شنيعة ولذا قيل:
إنكم لتقولون بمقتضى مذهبكم الباطل قولا عظيما لا يقادر قدره في استتباع الإثم وخرقه لقضايا العقول بحيث لا يجترئ عليه ذو عقل حيث تجعلونه سبحانه من قبيل الأجسام السريعة الزوال المحتاجة إلى بقاء النوع بالتوالد وليس كمثله شيء وهو الواحد القهار الباقي بذاته ثم تضيفون إليه تعالى ما تكرهون من أخس الأولاد وتفضلون عليه سبحانه أنفسكم بالبنين ثم تصفون الملائكة عليهم السلام بما تصفون.