nindex.php?page=treesubj&link=18877_31772_32944_33363_34106_34264_28988nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=64واستفزز أي: واستخف؛ يقال: استفزه إذا استخفه فخدعه وأوقعه فيما أراده منه، وأصل معنى الفز القطع ومنه تفزز الثوب إذا انقطع، ويقال للخفيف فز ولذا سمي به ولد البقرة الوحشية كما في قول
زهير: إذا استغاث بشيء فز غيطلة خاف العيون فلم ينظر به الحشك
والواو على ما في البحر للعطف على اذهب، والمراد من الأمر التهديد وكذا من الأوامر الآتية، ويمنع من إرادة الحقيقة أن الله تعالى لا يأمر بالفحشاء.
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=64من استطعت أي الذي استطعت أن تستفزه
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=64منهم فمن موصول مفعول ( استفزز ) ومفعول استطعت ) محذوف هو ما أشرنا إليه. واختار
nindex.php?page=showalam&ids=14803أبو البقاء كون «من» استفهامية في موضع نصب باستطعت وهو خلاف الظاهر جدا ولا داعي إلى ارتكابه
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=64بصوتك أي: بدعائك إلى معصية الله تعالى ووسوستك، وعبر عن الدعاء بالصوت تحقيرا له حتى كأنه لا معنى له كصوت الحمار.
وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=12918ابن المنذر nindex.php?page=showalam&ids=16935وابن جرير وغيرهما عن
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد تفسيره بالغناء والمزامير واللهو والباطل، وذكر
الغزنوي أنه
آدم عليه السلام أسكن ولد
هابيل أعلى جبل وولد
قابيل أسفله وفيهم بنات حسان فزمر الشيطان فلم يتمالكوا أن انحدروا واقترنوا
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=64وأجلب عليهم أي: صح عليهم من الجلبة وهي الصياح قاله
nindex.php?page=showalam&ids=14888الفراء nindex.php?page=showalam&ids=12078وأبو عبيدة، وذكر أن جلب وأجلب بمعنى. وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج: أجلب على العدو جمع عليه الخيل.
وقال
ابن السكيت: جلب عليه أعان عليه، وقال
ابن الأعرابي: أجلب على الرجل إذا توعده الشر وجمع عليه الجمع، وفسر بعضهم ( أجلب ) هنا بأجمع فالباء في قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=64بخيلك ورجلك مزيدة كما في: لا يقرأن بالسور، وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن: «واجلب» بوصل الألف وضم اللام من جلب ثلاثيا، والخيل يطلق على الأفراس حقيقة ولا واحد له من لفظه، وقيل: إن واحده خائل لاختياله في مشيه وعلى الفرسان مجازا وهو المراد هنا، ومنه قوله صلى الله عليه وسلم في بعض غزواته لأصحابه رضي الله تعالى عنهم
nindex.php?page=hadith&LINKID=889994«يا خيل الله اركبي».
والرجل بكسر الجيم فعل بمعنى فاعل فهو صفة كحذر بمعنى حاذر يقال: فلان يمشي رجلا أي غير راكب.
وقال صاحب اللوامح: هو بمعنى الرجال يعني أنه مفرد أريد به الجمع لأنه المناسب للمقام وما عطف عليه، وبهذا قرأ
حفص وأبو عمر في رواية
nindex.php?page=showalam&ids=14102والحسن، وظاهر الآية يقتضي أن للعين خيلا ورجلا وبه قال جمع، فقيل: هم من الجن، وقيل: منهم ومن الإنس وهو المروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس رضي الله تعالى عنهما،
nindex.php?page=showalam&ids=16879ومجاهد nindex.php?page=showalam&ids=16815وقتادة قالوا: إن له خيلا ورجلا من الجن والإنس فما كان من راكب يقاتل في معصية الله تعالى فهو من خيل إبليس وما كان من راجل يقاتل في معصية الله تعالى فهو من رجل إبليس، وقال آخرون: ليس للشيطان خيل ولا رجالة
[ ص: 112 ] وإنما هما كناية عن الأعوان والأتباع من غير ملاحظة لكون بعضهم راكبا وبعضهم ماشيا.
وجوز بعضهم أن يكون استفزازه بصوته وإجلابه بخيله ورجله تمثيلا لتسلطه على من يغويه فكأن مغوارا وقع على قوم فصوت بهم صوتا يزعجهم من أماكنهم وأجلب عليهم بجنده من خيالة ورجالة حتى استأصلهم، ومراده أن يكون في الكلام استعارة تمثيلية ولا يضر فيها اعتبار مجاز أو كناية في المفردات فلا تغفل.
وقرأ الجمهور: «رجلك» بفتح الراء وسكون الجيم وهو اسم جمع راجل كركب وراكب لا جمع لغلبة هذا الوزن في المفردات، وقرئ: «رجل» بفتح الراء وضم الجيم وهو مفرد كما في قراءة
حفص وقد جاءت ألفاظ من الصفة المشبهة على فعل وفعل كسرا وضما كحدث وندس وغيرهما.
وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=16584عكرمة nindex.php?page=showalam&ids=16815وقتادة: «رجالك» كنبالك، وقرئ: «رجالك» ككفارك وكلاهما جمع رجلان وراجل كما في الكشف، وفي بعض نسخ الكشاف أنه قرئ: (رجالك) بفتح الراء وتشديد الجيم على أن أصله رجالة فحذف تاؤه تخفيفا وهي نسخة ضعيفة
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=64وشاركهم في الأموال بحملهم على كسبها مما لا ينبغي وصرفها فيما لا ينبغي.
وقيل: بحملهم على صرفها في الزنا، وعن
nindex.php?page=showalam&ids=14676الضحاك بحملهم على الذبح للآلهة، وعن
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة بحملهم على تسييب السوائب وبحر البحائر والتعميم أولى.
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=64والأولاد بالحث على التوصل إليهم بالأسباب المحرمة وارتكاب ما لا يرضي الله تعالى فيهم.
وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير nindex.php?page=showalam&ids=13508وابن مردويه عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: المشاركة في الأولاد حملهم على تسميتهم بعبد الحرث. وعبد شمس، وفي رواية: حملهم على أن يرغبوهم في الأديان الباطلة ويصبغوهم بغير صبغة الإسلام.
وفي أخرى: حملهم على تحصيلهم بالزنا، وأخرى تزيين قتلهم إياهم خشية الإملاق أو العار، وقيل: حملهم على أن يرغبوهم في القتال وحفظ الشعر المشتمل على الفحش والحرف الخسيسة الخبيثة، وعن
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد: أن الرجل إذا لم يسم عند الجماع فالجان ينطوي على إحليله فيجامع معه؛ وذلك هي المشاركة في الأولاد،والأولى ما ذكرنا.
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=64وعدهم المواعيد الباطلة كشفاعة الآلهة ونفع الأنساب الشريفة من لم يطع الله تعالى أصلا، وعدم خلود أحد في النار لمنافاة ذلك عظم الرحمة وطول أمل البقاء في الدنيا، ومن الوعد الكاذب وعده إياهم أنهم إذا ماتوا لا يبعثون وغير ذلك مما لا يحصى كثرة، ثم هذا من قبيل المشاركة في النفس كما في البحر.
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=64وما يعدهم الشيطان إلا غرورا اعتراض بين ما خوطب به الشيطان لبيان حال مواعيده والالتفات إلى الغيبة لتقوية معنى الاعتراض مع ما فيه من صرف الكلام عن خطابه وبيان حاله للناس ومن الإشعار بعلية شيطنته للغرور وهو تزيين الخطأ بما يوهم أنه صواب ويقال: غر فلانا إذا أصاب غرته أي: غفلته ونال منه ما يريد، وأصل ذلك على ما قال
nindex.php?page=showalam&ids=14343الراغب من الغر وهو الأثر الظاهر من الشيء، ونصبه على أنه وصف مصدر محذوف أي: وعدا غرورا على الأوجه التي في: رجل عدل.
وجوز أن يكون مفعولا من أجله أي وما يعدهم ويمنيهم ما لا يتم ولا يقع إلا لأن يغرهم. والأول أظهر.
وذكر
الإمام في سبب كون وعد الشيطان غرورا لا غير أنه إنما يدعو إلى أحد ثلاثة أمور قضاء الشهوة. وإمضاء الغضب، وطلب الرياسة والرفعة، ولا يدعو البتة إلى معرفة الله تعالى وخدمته وتلك الأشياء الثلاثة
[ ص: 113 ] ليست لذائذ في الحقيقة بل دفع آلام وإن سلم أنها لذائذ لكنها خسيسة يشترك فيها الناقص والكامل بل الإنسان والكلب ومع ذلك وهي وشيكة الزوال ولا تحصل إلا بمتاعب كثيرة ومشاق عظيمة ويتبعها الموت والهرم واشتغال البال بالخوف من زوالها والحرص على بقائها، ولذات البطن والفرج منها لا تتم إلا بمزاولة رطوبات متعفنة مستقذرة فتزيين ذلك لا يكاد يكون إلا بما هو أكذب من دعوى اجتماع النقيضين وهو الغرور.
nindex.php?page=treesubj&link=18877_31772_32944_33363_34106_34264_28988nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=64وَاسْتَفْزِزْ أَيْ: وَاسْتَخِفَّ؛ يُقَالُ: اسْتَفَزَّهُ إِذَا اسْتَخَفَّهُ فَخَدَعَهُ وَأَوْقَعَهُ فِيمَا أَرَادَهُ مِنْهُ، وَأَصْلُ مَعْنَى الْفَزِّ الْقَطْعُ وَمِنْهُ تَفَزَّزَ الثَّوْبُ إِذَا انْقَطَعَ، وَيُقَالُ لِلْخَفِيفِ فَزٌّ وَلِذَا سُمِّيَ بِهِ وَلَدُ الْبَقَرَةِ الْوَحْشِيَّةِ كَمَا فِي قَوْلِ
زُهَيْرٍ: إِذَا اسْتَغَاثَ بِشَيْءٍ فَزُّ غَيْطَلَةٍ خَافَ الْعُيُونَ فَلَمْ يُنْظَرْ بِهِ الْحَشَكُ
وَالْوَاوُ عَلَى مَا فِي الْبَحْرِ لِلْعَطْفِ عَلَى اذْهَبْ، وَالْمُرَادُ مِنَ الْأَمْرِ التَّهْدِيدُ وَكَذَا مِنَ الْأَوَامِرِ الْآتِيَةِ، وَيَمْنَعُ مِنْ إِرَادَةِ الْحَقِيقَةِ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ.
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=64مَنِ اسْتَطَعْتَ أَيِ الَّذِي اسْتَطَعْتَ أَنْ تَسْتَفِزَّهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=64مِنْهُمْ فَمِنْ مَوْصُولُ مَفْعُولِ ( اسْتَفْزِزْ ) وَمَفْعُولُ اسْتَطَعْتَ ) مَحْذُوفٌ هُوَ مَا أَشَرْنَا إِلَيْهِ. وَاخْتَارَ
nindex.php?page=showalam&ids=14803أَبُو الْبَقَاءِ كَوْنَ «مِنْ» اسْتِفْهَامِيَّةً فِي مَوْضِعِ نَصْبِ بِاسْتَطَعْتَ وَهُوَ خِلَافُ الظَّاهِرِ جِدًّا وَلَا دَاعِيَ إِلَى ارْتِكَابِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=64بِصَوْتِكَ أَيْ: بِدُعَائِكَ إِلَى مَعْصِيَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَوَسْوَسَتِكَ، وَعَبَّرَ عَنِ الدُّعَاءِ بِالصَّوْتِ تَحْقِيرًا لَهُ حَتَّى كَأَنَّهُ لَا مَعْنَى لَهُ كَصَوْتِ الْحِمَارِ.
وَأَخْرَجَ
nindex.php?page=showalam&ids=12918ابْنُ الْمُنْذِرِ nindex.php?page=showalam&ids=16935وَابْنُ جَرِيرٍ وَغَيْرُهُمَا عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16879مُجَاهِدٍ تَفْسِيرَهُ بِالْغِنَاءِ وَالْمَزَامِيرِ وَاللَّهْوِ وَالْبَاطِلِ، وَذَكَرَ
الْغَزْنَوِيُّ أَنَّهُ
آدَمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَسْكَنَ وَلَدَ
هَابِيلَ أَعْلَى جَبَلٍ وَوَلَدَ
قَابِيلَ أَسْفَلَهُ وَفِيهِمْ بَنَاتٌ حِسَانٌ فَزَمَّرَ الشَّيْطَانُ فَلَمْ يَتَمَالَكُوا أَنِ انْحَدَرُوا وَاقْتَرَنُوا
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=64وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ أَيْ: صِحْ عَلَيْهِمْ مِنَ الْجَلَبَةِ وَهِيَ الصِّيَاحُ قَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=14888الْفَرَّاءُ nindex.php?page=showalam&ids=12078وَأَبُو عُبَيْدَةَ، وَذَكَرَ أَنَّ جَلَبَ وَأَجْلَبَ بِمَعْنًى. وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزَّجَّاجُ: أَجْلَبَ عَلَى الْعَدُوِّ جَمَعَ عَلَيْهِ الْخَيْلَ.
وَقَالَ
ابْنُ السِّكِّيتِ: جَلَبَ عَلَيْهِ أَعَانَ عَلَيْهِ، وَقَالَ
ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ: أَجْلَبَ عَلَى الرَّجُلِ إِذَا تَوَعَّدَهُ الشَّرَّ وَجَمَعَ عَلَيْهِ الْجَمْعَ، وَفَسَّرَ بَعْضُهُمْ ( أَجْلِبْ ) هُنَا بِأَجْمِعْ فَالْبَاءُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=64بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ مَزِيدَةٌ كَمَا فِي: لَا يَقْرَأْنَ بِالسُّوَرِ، وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=14102الْحَسَنُ: «وَاجْلُبْ» بِوَصْلِ الْأَلِفِ وَضَمِّ اللَّامِ مِنْ جَلَبَ ثُلَاثِيًّا، وَالْخَيْلُ يُطْلَقُ عَلَى الْأَفْرَاسِ حَقِيقَةً وَلَا وَاحِدَ لَهُ مِنْ لَفْظِهِ، وَقِيلَ: إِنَّ وَاحِدَهُ خَائِلٌ لِاخْتِيَالِهِ فِي مَشْيِهِ وَعَلَى الْفُرْسَانِ مَجَازًا وَهُوَ الْمُرَادُ هُنَا، وَمِنْهُ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَعْضِ غَزَوَاتِهِ لِأَصْحَابِهِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ
nindex.php?page=hadith&LINKID=889994«يَا خَيْلَ اللَّهِ ارْكَبِي».
وَالرَّجِلُ بِكَسْرِ الْجِيمِ فَعِلٌ بِمَعْنَى فَاعِلٍ فَهُوَ صِفَةٌ كَحَذِرٍ بِمَعْنَى حَاذِرٍ يُقَالُ: فُلَانٌ يَمْشِي رَجِلًا أَيْ غَيْرَ رَاكِبٍ.
وَقَالَ صَاحِبُ اللَّوَامِحِ: هُوَ بِمَعْنَى الرِّجَالِ يَعْنِي أَنَّهُ مُفْرَدٌ أُرِيدَ بِهِ الْجَمْعُ لِأَنَّهُ الْمُنَاسِبُ لِلْمَقَامِ وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ، وَبِهَذَا قَرَأَ
حَفْصٌ وَأَبُو عُمَرَ فِي رِوَايَةٍ
nindex.php?page=showalam&ids=14102وَالْحَسَنُ، وَظَاهِرُ الْآيَةِ يَقْتَضِي أَنَّ لِلْعَيْنِ خَيْلًا وَرَجِلًا وَبِهِ قَالَ جَمْعٌ، فَقِيلَ: هُمْ مِنَ الْجِنِّ، وَقِيلَ: مِنْهُمْ وَمِنَ الْإِنْسِ وَهُوَ الْمَرْوِيُّ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا،
nindex.php?page=showalam&ids=16879وَمُجَاهِدٍ nindex.php?page=showalam&ids=16815وَقَتَادَةَ قَالُوا: إِنَّ لَهُ خَيْلًا وَرَجِلًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ فَمَا كَانَ مِنْ رَاكِبٍ يُقَاتِلُ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ تَعَالَى فَهُوَ مِنْ خَيْلِ إِبْلِيسَ وَمَا كَانَ مِنْ رَاجِلٍ يُقَاتِلُ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ تَعَالَى فَهُوَ مِنْ رَجِلِ إِبْلِيسَ، وَقَالَ آخَرُونَ: لَيْسَ لِلشَّيْطَانِ خَيْلٌ وَلَا رَجَّالَةٌ
[ ص: 112 ] وَإِنَّمَا هُمَا كِنَايَةٌ عَنِ الْأَعْوَانِ وَالْأَتْبَاعِ مِنْ غَيْرِ مُلَاحِظَةٍ لِكَوْنِ بَعْضِهِمْ رَاكِبًا وَبَعْضُهُمْ مَاشِيًا.
وَجَوَّزَ بَعْضُهُمْ أَنْ يَكُونَ اسْتِفْزَازُهُ بِصَوْتِهِ وَإِجْلَابِهِ بِخَيْلِهِ وَرَجِلِهِ تَمْثِيلًا لِتَسَلُّطِهِ عَلَى مَنْ يُغْوِيهِ فَكَأَنَّ مِغْوَارًا وَقَعَ عَلَى قَوْمٍ فَصَوَّتَ بِهِمْ صَوْتًا يُزْعِجُهُمْ مِنْ أَمَاكِنِهِمْ وَأَجْلَبَ عَلَيْهِمْ بِجُنْدِهِ مِنْ خَيَّالَةٍ وَرَجَّالَةٍ حَتَّى اسْتَأْصَلَهُمْ، وَمُرَادُهُ أَنْ يَكُونَ فِي الْكَلَامِ اسْتِعَارَةٌ تَمْثِيلِيَّةٌ وَلَا يَضُرُّ فِيهَا اعْتِبَارُ مَجَازٍ أَوْ كِنَايَةٍ فِي الْمُفْرَدَاتِ فَلَا تَغْفُلْ.
وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ: «رَجْلِكَ» بِفَتْحِ الرَّاءِ وَسُكُونِ الْجِيمِ وَهُوَ اسْمُ جَمْعِ رَاجِلٍ كَرَكْبٍ وَرَاكِبٍ لَا جَمْعَ لِغَلَبَةِ هَذَا الْوَزْنِ فِي الْمُفْرَدَاتِ، وَقُرِئَ: «رَجُلِ» بِفَتْحِ الرَّاءِ وَضَمِّ الْجِيمِ وَهُوَ مُفْرَدٌ كَمَا فِي قِرَاءَةِ
حَفْصٍ وَقَدْ جَاءَتْ أَلْفَاظٌ مِنَ الصِّفَةِ الْمُشَبَّهَةِ عَلَى فَعِلٍ وَفَعُلٍ كَسْرًا وَضَمًّا كَحَدِثٍ وَنَدُسٍ وَغَيْرِهِمَا.
وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=16584عِكْرِمَةُ nindex.php?page=showalam&ids=16815وَقَتَادَةُ: «رِجَالِكَ» كَنِبَالِكَ، وَقُرِئَ: «رُجَّالِكَ» كَكُفَّارِكَ وَكِلَاهُمَا جَمْعُ رُجْلَانٍ وَرَاجِلٍ كَمَا فِي الْكَشْفِ، وَفِي بَعْضِ نُسَخِ الْكَشَّافِ أَنَّهُ قُرِئَ: (رَجَّالِكَ) بِفَتْحِ الرَّاءِ وَتَشْدِيدِ الْجِيمِ عَلَى أَنَّ أَصْلَهُ رَجَّالَةٌ فَحُذِفَ تَاؤُهُ تَخْفِيفًا وَهِيَ نُسْخَةٌ ضَعِيفَةٌ
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=64وَشَارِكْهُمْ فِي الأَمْوَالِ بِحَمْلِهِمْ عَلَى كَسْبِهَا مِمَّا لَا يَنْبَغِي وَصَرْفِهَا فِيمَا لَا يَنْبَغِي.
وَقِيلَ: بِحَمْلِهِمْ عَلَى صَرْفِهَا فِي الزِّنَا، وَعَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=14676الضَّحَّاكِ بِحَمْلِهِمْ عَلَى الذَّبْحِ لِلْآلِهَةِ، وَعَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16815قَتَادَةَ بِحِمْلِهِمْ عَلَى تَسْيِيبِ السَّوَائِبِ وَبَحْرِ الْبَحَائِرِ وَالتَّعْمِيمُ أَوْلَى.
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=64وَالأَوْلادِ بِالْحَثِّ عَلَى التَّوَصُّلِ إِلَيْهِمْ بِالْأَسْبَابِ الْمُحَرَّمَةِ وَارْتِكَابِ مَا لَا يُرْضِي اللَّهَ تَعَالَى فِيهِمْ.
وَأَخْرَجَ
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابْنُ جَرِيرٍ nindex.php?page=showalam&ids=13508وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا: الْمُشَارَكَةُ فِي الْأَوْلَادِ حَمْلُهُمْ عَلَى تَسْمِيَتِهِمْ بِعَبْدِ الْحَرْثِ. وَعَبْدِ شَمْسٍ، وَفِي رِوَايَةٍ: حَمْلُهُمْ عَلَى أَنْ يُرَغِّبُوهُمْ فِي الْأَدْيَانِ الْبَاطِلَةِ وَيَصْبَغُوهُمْ بِغَيْرِ صِبْغَةِ الْإِسْلَامِ.
وَفِي أُخْرَى: حَمْلُهُمْ عَلَى تَحْصِيلِهِمْ بِالزِّنَا، وَأُخْرَى تَزْيِينُ قَتْلِهِمْ إِيَّاهُمْ خَشْيَةَ الْإِمْلَاقِ أَوِ الْعَارِ، وَقِيلَ: حَمْلُهُمْ عَلَى أَنْ يُرَغِّبُوهُمْ فِي الْقِتَالِ وَحِفْظِ الشِّعْرِ الْمُشْتَمِلِ عَلَى الْفُحْشِ وَالْحِرَفِ الْخَسِيسَةِ الْخَبِيثَةِ، وَعَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16879مُجَاهِدٍ: أَنَّ الرَّجُلَ إِذَا لَمْ يُسَمِّ عِنْدَ الْجِمَاعِ فَالْجَانُّ يَنْطَوِي عَلَى إِحْلِيلِهِ فَيُجَامِعُ مَعَهُ؛ وَذَلِكَ هِيَ الْمُشَارَكَةُ فِي الْأَوْلَادِ،وَالْأَوْلَى مَا ذَكَرْنَا.
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=64وَعِدْهُمْ الْمَوَاعِيدَ الْبَاطِلَةَ كَشَفَاعَةِ الْآلِهَةِ وَنَفْعِ الْأَنْسَابِ الشَّرِيفَةِ مَنْ لَمْ يُطِعِ اللَّهَ تَعَالَى أَصْلًا، وَعَدَمِ خُلُودِ أَحَدٍ فِي النَّارِ لِمُنَافَاةِ ذَلِكَ عِظَمَ الرَّحْمَةِ وَطُولَ أَمَلِ الْبَقَاءِ فِي الدُّنْيَا، وَمِنَ الْوَعْدِ الْكَاذِبِ وَعْدُهُ إِيَّاهُمْ أَنَّهُمْ إِذَا مَاتُوا لَا يُبْعَثُونَ وَغَيْرُ ذَلِكَ مِمَّا لَا يُحْصَى كَثْرَةً، ثُمَّ هَذَا مِنْ قَبِيلِ الْمُشَارَكَةِ فِي النَّفْسِ كَمَا فِي الْبَحْرِ.
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=64وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلا غُرُورًا اعْتِرَاضٌ بَيْنَ مَا خُوطِبَ بِهِ الشَّيْطَانُ لِبَيَانِ حَالِ مَوَاعِيدِهِ وَالِالْتِفَاتِ إِلَى الْغَيْبَةِ لِتَقْوِيَةِ مَعْنَى الِاعْتِرَاضِ مَعَ مَا فِيهِ مِنْ صَرْفِ الْكَلَامِ عَنْ خِطَابِهِ وَبَيَانِ حَالِهِ لِلنَّاسِ وَمِنَ الْإِشْعَارِ بِعِلِّيَّةِ شَيْطَنَتِهِ لِلْغُرُورِ وَهُوَ تَزْيِينُ الْخَطَأِ بِمَا يُوهِمُ أَنَّهُ صَوَابٌ وَيُقَالُ: غَرَّ فُلَانًا إِذَا أَصَابَ غِرَّتَهُ أَيْ: غَفْلَتَهُ وَنَالَ مِنْهُ مَا يُرِيدُ، وَأَصْلُ ذَلِكَ عَلَى مَا قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14343الرَّاغِبُ مِنَ الْغَرِّ وَهُوَ الْأَثَرُ الظَّاهِرُ مِنَ الشَّيْءِ، وَنَصْبُهُ عَلَى أَنَّهُ وَصْفُ مَصْدَرٍ مَحْذُوفٍ أَيْ: وَعْدًا غُرُورًا عَلَى الْأَوْجُهِ الَّتِي فِي: رَجُلٌ عَدْلٌ.
وَجُوِّزَ أَنْ يَكُونَ مَفْعُولًا مِنْ أَجْلِهِ أَيْ وَمَا يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ مَا لَا يَتِمُّ وَلَا يَقَعُ إِلَّا لِأَنْ يَغُرُّهُمْ. وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ.
وَذَكَرَ
الْإِمَامُ فِي سَبَبِ كَوْنِ وَعْدِ الشَّيْطَانِ غُرُورًا لَا غَيْرَ أَنَّهُ إِنَّمَا يَدْعُو إِلَى أَحَدِ ثَلَاثَةِ أُمُورٍ قَضَاءِ الشَّهْوَةِ. وَإِمْضَاءِ الْغَضَبِ، وَطَلَبِ الرِّيَاسَةِ وَالرِّفْعَةِ، وَلَا يَدْعُو الْبَتَّةَ إِلَى مَعْرِفَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَخِدْمَتِهِ وَتِلْكَ الْأَشْيَاءُ الثَّلَاثَةُ
[ ص: 113 ] لَيْسَتْ لَذَائِذَ فِي الْحَقِيقَةِ بَلْ دَفْعُ آلَامٍ وَإِنْ سُلِّمَ أَنَّهَا لَذَائِذُ لَكِنَّهَا خَسِيسَةٌ يَشْتَرِكُ فِيهَا النَّاقِصُ وَالْكَامِلُ بَلِ الْإِنْسَانُ وَالْكَلْبُ وَمَعَ ذَلِكَ وَهِيَ وَشِيكَةُ الزَّوَالِ وَلَا تَحْصُلُ إِلَّا بِمَتَاعِبَ كَثِيرَةٍ وَمَشَاقَّ عَظِيمَةٍ وَيَتْبَعُهَا الْمَوْتُ وَالْهَرَمُ وَاشْتِغَالُ الْبَالِ بِالْخَوْفِ مِنْ زَوَالِهَا وَالْحِرْصِ عَلَى بَقَائِهَا، وَلَذَّاتُ الْبَطْنِ وَالْفَرْجِ مِنْهَا لَا تَتِمُّ إِلَّا بِمُزَاوَلَةِ رُطُوبَاتٍ مُتَعَفِّنَةٍ مُسْتَقْذَرَةٍ فَتَزْيِينُ ذَلِكَ لَا يَكَادُ يَكُونُ إِلَّا بِمَا هُوَ أَكْذَبُ مِنْ دَعْوَى اجْتِمَاعِ النَّقِيضَيْنِ وَهُوَ الْغُرُورُ.