وقال العراقي فيه: إنا لم نجده في كتب الحديث، ونقله بزيادة، ونقل غيره أنهم طلبوا ثلاث خصال: عدم التجبية في الصلاة، وكسر أصنامهم بأيديهم، وتمتيعهم باللات سنة من غير أن يعبدوها، بل ليأخذوا ما يهدى لها. الزمخشري
فقال صلى الله عليه وسلم: وأما كسر أصنامكم بأيديكم فذلك لكم، [ ص: 128 ] وأما الطاغية اللات فإني غير ممتعكم بها». وقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال «لا خير في دين لا ركوع فيه ولا سجود» رضي الله تعالى عنه: ما بالكم آذيتم رسول الله عليه الصلاة والسلام، إنه لا يدع الأصنام في أرض عمر بن الخطاب العرب، فما زالوا به حتى أنزل الله تعالى الآية.
وأخرج ابن أبي إسحق وغيرهما عنه رضي الله تعالى عنه وابن مردويه أن أمية بن خلف، وأبا جهل، ورجالا من قريش أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: تعال فتمسح بآلهتنا وندخل معك في دينك، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يشتد عليه فراق قومه ويحب إسلامهم، فرق لهم، فأنزل الله تعالى هذه الآية إلى قوله سبحانه: نصيرا ، وأخرج من طريق ابن مردويه عن الكلبي باذان عن مثله. جابر بن عبد الله
وأخرج عن ابن أبي حاتم جبير بن نفير أن قريشا أتوا النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا له: إن كنت أرسلت إلينا فاطرد الذين اتبعوك من سقاط الناس ومواليهم لنكون نحن أصحابك فنزلت.
وقيل: إنهم قالوا له عليه الصلاة والسلام: اجعل لنا آية رحمة آية عذاب. وآية عذاب آية رحمة حتى نؤمن بك فنزلت.
وفي ذلك روايات أخر مختلفة أيضا وفي بعضها ما لا يصح نسبته إلى الرسول صلى الله عليه وسلم ولا يكاد يؤول، وذلك يدل على الوضع، والتفسير لا يتوقف على شيء من ذلك.
وأيا ما كان فضمير الجمع للكفار وهم إما ثقيف أو قريش، و «إن» مخففة من المثقلة واسمها ضمير شأن مقدر، واللام هي الفارقة بين المخففة وغيرها، أي: إن الشأن: قاربوا في ظنهم أن يوقعوك في الفتنة صار فيك عن الذي أوحينا إليك من الأوامر والنواهي والوعد والوعيد لتفتري علينا غيره لتتقول علينا غير الذي أوحيناه إليك مما اقترح عليك ثقيف من تحريم وج مثلا أو قريش من جعل آية الرحمة آية عذاب وبالعكس، وقيل: المعنى لتحل محل المفتري علينا؛ لأنك إن اتبعت أهواءهم أو هممت أنك تفعل ذلك عن وحينا لأنك رسولنا فكنت كالمفتري.
وإذا لاتخذوك خليلا أي: لو فعلت ليتخذنك صديقا لهم، وكان المراد ليكونن بينك وبينهم مخالة وصداقة وهم أعداء الله تعالى فمخالتهم تقتضي الانقطاع عن ولايته عز وجل كما قيل:
إذا صافى صديقك من تعادي فقد عاداك وانقطع الكلام
وقيل: الخليل هذا من الخلة بمعنى الحاجة أي لاتخذوك فقيرا محتاجا إليهم وهو كما ترى.