فألقت عصاها واستقرت بها النوى كما قر عينا بالإياب المسافر
وتكرير النداء لمزيد التنبيه والاهتمام بشأن العصا ، وكون قائل هذا هو الله تعالى هو الظاهر ، وزعم بعضهم أنه يجوز أن يكون القائل الملك بأمر الله تعالى وقد أبعد غاية البعد فألقاها ريثما قيل له ألقها فإذا هي حية تسعى تمشي وتنتقل بسرعة ، والحية اسم جنس يطلق على الصغير والكبير والأنثى والذكر ، وقد انقلبت حين ألقاها عليه السلام ثعبانا وهو العظيم من الحيات كما يفصح عنه قوله تعالى : فإذا هي ثعبان مبين وتشبيهها بالجان وهو الدقيق منها في قوله سبحانه : فلما رآها تهتز كأنها جان من حيث الجلادة وسرعة الحركة لا من حيث صغر الجثة فلا منافاة ، وقيل : إنها انقلبت حين ألقاها عليه السلام حية صفراء في غلظ العصا ثم انتفخت وغلظت فلذلك شبهت بالجان تارة وسميت ثعبانا أخرى ، وعبر عنها بالاسم العام للحالين ، والأول هو الأليق بالمقام مع ظهور اقتضاء الآية التي ذكرناها له وبعدها عن التأويل . وقد روى الأمام وغيره عن أحمد أنه عليه السلام حانت منه نظرة بعد أن ألقاها فإذا بأعظم ثعبان نظر إليه الناظرون يرى يلتمس كأنه يبتغي شيئا يريد أخذه يمر بالصخرة مثل الخلفة من الإبل فيلتقمها ويطعن بالناب من أنيابه في أصل الشجرة العظيمة فيجتثها، عيناه توقدان نارا، وقد عاد المحجن عرفا فيه شعر مثل النيازك، وعاد الشعبتان فما مثل القليب الواسع فيه أضراس وأنياب لها صريف . وهب
وفي بعض الآثار أن بين لحييه أربعين ذراعا، فلما عاين ذلك موسى عليه السلام ولى مدبرا ولم يعقب، فذهب حتى أمعن ورأى أنه قد أعجز الحية