فإذا هي شاخصة أبصار الذين كفروا جواب الشرط ، وإذا للمفاجأة وهي تسد مسد الفاء الجزائية في الربط وليست عوضا عنها فمتى كانت الجملة الاسمية الواقعة جزاء مقترنة بها لم تحتج إلى الفاء نحو إذا هم يقنطون [الروم : 36] وإذا جيء بهما معا كما هنا يتقوى الربط ، والضمير للقصة والشأن وهو مبتدأ و ( شاخصة ) خبر مقدم و ( أبصار ) مبتدأ مؤخر ، والجملة خبر الضمير ، ولا يجوز أن يكون ( شاخصة ) الخبر و (أبصار ) مرفوعا به لأن خبر الضمير الشأن لا يكون إلا جملة مصرحا بجزأيها ، وأجاز بعض الكوفيين كونه مفردا فيجوز ما ذكر عنده .
وعن أن ( هي ) ضمير الأبصار فهو ضمير مبهم يفسره ما في حيز خبره وعود الضمير على متأخر لفظا ورتبة في مثل ذلك جائز عند الفراء ابن مالك . وغيره كما في ضمير الشأن ، ومن ذلك قوله : هو الجد حتى تفضل العين أختها بل نقل عن أنه متى دل الكلام على المرجع وذكر بعده ما يفسره وإن لم يكن في حيز خبره لا يضر تقدمه ، وأنشد قوله : الفراء
فلا وأبيها لا تقول خليلتي ألا فر عني مالك بن أبي كعب
ونقل عنه أيضا أن ( هي ) ضمير فصل وعماد يصلح موضعه هو وأنشد قوله :
بثوب ودينار وشاة ودرهم فهل هو مرفوع بما ها هنا رأس
وهذا لا يتمشى إلا على أحد قولي من إجازته تقديم الفصل مع الخبر على المبتدأ وقول من أجاز كونه قبل خبر نكرة ، وذكر الكسائي أن الكلام قد تم عند قوله تعالى : الثعلبي فإذا هي أي فإذا هي أي الساعة حاصلة أو بارزة أو واقعة ثم ابتدئ فقيل شاخصة أبصار الذين كفروا وهو وجه متكلف متنافر التركيب ، وقيل : جواب الشرط ( اقترب ) والواو سيف خطيب . ونقل ذلك في مجمع البيان عن . ونقل عن الفراء أن البصريين لا يجوزون زيادة الواو وأن الجواب عندهم قوله تعالى : الزجاج يا ويلنا أي القول المقدر قبله فإنه بتقدير قالوا يا ويلنا ، ومن جعل الجواب ما تقدم قدر القول ها هنا أيضا وجعله حالا من الموصول يقولون أو قائلين (يا ويلنا ) وجوز كون جملة يقولون يا ويلنا استئنافا ، وشخوص الأبصار رفع أجفانها إلى فوق من دون أن تطرف وذلك للكفرة يوم القيامة من شدة الهول ، وأرادوا من نداء الويل التحسر وكأنهم قالوا : يا ولينا تعال فهذا أوان حضورك قد كنا في الدنيا في غفلة تامة ( من ) هذا الذي دهمنا من البعث والرجوع إليه عز وجل للجزاء ، وقيل : من هذا اليوم ولم نعلم أنه حق بل كنا ظالمين إضراب عن وصف أنفسهم بالغفلة أي لم نكن في غفلة منه حيث نبهنا عليه بالآيات والنذر بل كنا ظالمين بترك الآيات والنذر مكذبين بها أو ظالمين لأنفسنا بتعريضها للعذاب الخالد بالتكذيب .