إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أي الخصلة المفضلة في الحسن وهي السعادة ، وقيل : التوفيق للطاعة ، والمراد من سبق ذلك تقديره في الأزل ، وقيل : الحسنى الكلمة الحسنى وهي المتضمنة للبشارة بثوابهم وشكر أعمالهم ، والمراد من سبق ذلك تقدمه في قوله تعالى : فمن يعمل من الصالحات وهو مؤمن فلا كفران لسعيه وإنا له كاتبون [الأنبياء : 94] وهو خلاف الظاهر ، والظاهر أن المراد من الموصول كل من اتصف بعنوان الصلة وخصوص السبب لا يخصص ، وما ذكر في بعض الآثار من تفسيره بعيسى وعزير والملائكة عليهم السلام فهو من الاقتصار على بعض أفراد العام حيث إنه السبب في النزول . وينبغي أن يجعل من باب الاقتصار ما أخرجه وغيره عن ابن أبي شيبة محمد بن حاطب عن أنه فسر الموصول بعثمان وأصحابه رضي الله تعالى عنهم . علي كرم الله تعالى وجهه
وروى وجماعة عن ابن أبي حاتم النعمان بن بشير أن عليا كرم الله تعالى وجهه قرأ الآية فقال : أنا منهم منهم وعمر منهم وعثمان منهم والزبير منهم وطلحة وسعد وعبد الرحمن منهم كذا رأيته في الدر المنثور ، ورأيت في غيره عد العشرة المبشرة رضي الله تعالى عنهم ، والجدران متعلقان بسبقت .
وجوز في الثاني كونه متعلقا بمحذوف ووقع حالا من ( الحسنى ) وقوله تعالى : أبو البقاء أولئك إشارة إلى الموصول باعتبار اتصافه بما في حيز الصلة ، وما فيه من معنى البعد للإيذان بعلو درجتهم ، وبعد منزلتهم في الشرف [ ص: 98 ] والفضل أي أولئك المنعوتون بما ذكر من النعت عنها أي عن جهنم مبعدون لأنهم في الجنة وشتان بينها وبين النار .