[ ص: 149 ] في ليلة مرضت من كل ناحية فما يحس بها نجم ولا قمر
وعلى ضعف القلب، وفتوره كما قاله غير واحد، ويطلق مجازا على ما يعرض المرء مما يخل بكمال نفسه كالبغضاء، والغفلة، وسوء العقيدة والحسد، وغير ذلك من موانع الكمالات المشابهة لاختلال البدن، المانع عن الملاذ، والمؤدية إلى الهلاك الروحاني الذي هو أعظم من الهلاك الجسماني، والمنقول عن ، ابن مسعود وابن عباس ، ومجاهد وسائر السلف الصالح حمل المرض في الآية على المعنى المجازي، ولا شك أن قلوب المنافقين كانت ملأى من تلك الخبائث التي منعتهم مما منعتهم، وأوصلتهم إلى الدرك الأسفل من النار، ولا مانع عند بعضهم أن يحمل المرض أيضا على حقيقته الذي هو الظلمة، وقتادة، ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور والذين كفروا أولياؤهم الطاغوت يخرجونهم من النور إلى الظلمات وكذا على الألم، فإن في قلوب أولئك ألما عظيما بواسطة شوكة الإسلام وانتظام أمورهم غاية الانتظام، فالآية على هذا محتملة للمعنيين، ونصب القرينة المانعة في المجاز إنما يشترط في تعيينه دون احتماله، فإذا تضمن نكتة ساوى الحقيقة، فيمكن الحمل عليهما نظرا إلى الأصالة، والنكتة، إلا أنه يرد هنا أن الألم مطلقا ليس حقيقة المرض، بل حقيقته الألم لسوء المزاج، وهو مفقود في المنافقين، والقول بأن حالهم التي هم عليها تفضي إليه في غاية الركاكة، على أن قلوب أولئك لو كانت مريضة لكانت أجسامهم كذلك، أو لكان الحمام عاجلهم، ويشهد لذلك الحديث النبوي والقانون الطبي، أما الأول فلقوله صلى الله عليه وسلم : الحديث، وأما الثاني، فلأن الحكماء بعد أن بينوا تشريح القلب قالوا: إذا حصلت فيه مادة غليظة، فإن تمكنت منه ومن غلافه، أو من أحدهما، عاجلت المنية صاحبه، وإن لم تتمكن تأخرت الحياة مدة يسيرة، ولا سبيل إلى بقائها مع مرض القلب، فالأولى دراية ورواية حمله على المعنى المجازي، ومنه الجبن، والخور، وقد داخل ذلك قلوب المنافقين حين شاهدوا من رسول الله صلى الله عليه وسلم والمؤمنين ما شاهدوا، والتنوين للدلالة على أنه نوع غير ما يتعارفه الناس من الأمراض، ولم يجمع كما جمع القلوب، لأن تعداد المحال يدل على تعداد الحال عقلا، فاكتفى بجمعها عن جمعه، والجملة الأولى إما مستأنفة لبيان الموجب لخداعهم، وما هم فيه من النفاق، أو مقررة لما يفيده (إن في الجسد مضغة) وما هم بمؤمنين من استمرار عدم إيمانهم، أو تعليل له، كأنه قيل : ما بالهم لا يؤمنون؟ فقال : في قلوبهم مرض يمنعه، أو مقررة لعدم الشعور، وإن كان سبيل قوله : وما يشعرون سبيل الاعتراض على ما قيل، وجملة فزادهم الله مرضا إما دعائية معترضة بين المعطوف والمعطوف عليه، والمعترضة قد تقترن بالفاء كما في قوله :واعلم فعلم المرء ينفعه أن سوف يأتي كلما قدرا
والغم يخترم النفوس نحافة ويشيب ناصية الصبي ويهرم
يزيدك وجهه حسنا إذا ما زدته نظرا
أمن ريحانة الداعي السميع يؤرقني وأصحابي هجوع
وعشرة أفعال تمال لحمزة فجاء وشاء ضاق ران وكملا
بزاد وخاب طاب خاف معا وحا ق زاغ سوى الأحزاب مع صادها فلا