أنا من أهوى ومن أهوى أنا نحن روحان حللنا بدنا فإذا أبصرتني أبصرته
وإذا أبصرته أبصرتنا
ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم أي: أوطانهم المألوفة، ومقار نفوسهم المعهودة، ومقاماتهم ومراتبهم من الدنيا، وما ركنوا إليها بدواعي الهوى، وهم قوم ألوف كثيرة، أو متحابون متألفون في الله تعالى؛ حذر موت الجهل والانقطاع عن الحياة الحقيقية، والوقوع في المهاوي الطبيعية فقال لهم الله موتوا أي: أمرهم بالموت الاختياري، أو أماتهم عن ذواتهم بالتجلي الذاتي، حتى فنوا فيه ثم أحياهم بالحياة الحقيقية العلمية، أو به بالوجود الحقاني، والبقاء بعد الفناء إن الله لذو فضل على سائر الناس؛ بتهيئة أسباب إرشادهم ولكن أكثر الناس لا يشكرون لمزيد غفلتهم عما يراد بهم وقاتلوا في سبيل الله النفس والشيطان واعلموا أن الله سميع هواجس نفوس المقاتلين في سبيله عليم بما في قلوبهم من ذا الذي يقرض الله ويبذل نفسه له بذلا خالصا عن الشركة فيضاعفه له أضعافا كثيرة بظهور نعوت جماله وجلاله فيه والله يقبض أرواح الموحدين بقبضته الجبروتية في نور الأزلية، ويبسط أسرار العارفين من قبضة الكبرياء، وينشرها في مشاهدة ثناء الأبدية، ويقال: القبض سره، والبسط كشفه، وقيل: القبض للمريدين، والبسط للمرادين، أو الأول للمشتاقين، والثاني للعارفين، والمشهور أن القبض والبسط حالتان بعد ترقي العبد عن حالة الخوف والرجاء، فالقبض للعارف كالخوف للمستأمن، والفرق بينهما أن الخوف والرجاء يتعلقان بأمر مستقبل مكروه أو محبوب، والقبض والبسط بأمر حاضر في الوقت، يغلب على قلب العارف من وارد غيبي، وكان الأول من آثار الجلال، والثاني من آثار الجمال