وجعل هذه الجملة تأكيدا للجملة الأولى، وقيل سابقون متعد للضمير بنفسه واللام مزيدة، وحسن زيادتها كون العامل فرعيا وتقدم المعمول المضمر أي وهم سابقون إياها، والمراد بسبقهم إياها لازم معناه أيضا وهو النيل أي وهم ينالونها قبل الآخرة حيث عجلت لهم في الدنيا فلا يرد ما قيل: إن سبق الشيء الشيء يدل على تقدم السابق على المسبوق فكيف يقال: هم يسبقون الخيرات والاحتياج إلى إرادة اللازم على هذا الوجه أشد منه على الوجه السابق ولهذا مع التزام الزيادة فيه قيل إنه وجه متكلف. أبو حيان
وجوز أن يكون المراد بالخيرات الطاعات وضمير لها لها أيضا واللام للتعليل وهو متعلق بما بعده والمعنى يرغبون في الطاعات والعبادات أشد الرغبة وهم لأجلها فاعلون السبق أو لأجلها سابقون الناس إلى الثواب أو إلى الجنة، وجوز على تقدير أن يراد بالخيرات الطاعات أن يكون لها خبر المبتدإ ( وسابقون ) خبر بعد خبر، ومعنى هم لها أنهم معدون لفعل مثلها من الأمور العظيمة، وهذا كقولك: لمن يطلب منه حاجة [ ص: 46 ] لا ترجى من غيره: أنت لها وهو من بليغ كلامهم، وعلى ذلك قوله:
مشكلات أعضلت ودهت يا رسول الله أنت لها
ورجح هذا الوجه بأن اللام متمكنة في هذا المعنى، وعن الطبري رضي الله تعالى عنهما ما هو ظاهر في جعل ابن عباس لها خبرا وإن لم يكن ظاهرا في جعل الضمير للخيرات بمعنى الطاعات، ففي البحر نقلا عنه أن المعنى سبقت لهم السعادة في الأزل فهم لها، وأنت تعلم أن أكثر هذه الأوجه خلاف الظاهر وأن التفسير الأول للخيرات أحسن طباقا للآية المتقدمة، ومن الناس من زعم أن ضمير لها للجنة. ومنهم من زعم أنه للأمم وهو كما ترى. وقرأ الحر النحوي «يسرعون» مضارع أسرع يقال: أسرعت إلى الشيء وسرعت إليه بمعنى واحد و «يسارعون» كما قال أبلغ من يسرعون، ووجه بأن المفاعلة تكون من اثنين فنقتفي حث النفس على السبق لأن من عارضك في شيء تشتهي أن تغلبه فيه. الزجاج