ولأنت تفري ما خلقت وبعض القوم يخلق ثم لا يفري
والمتبادر منه إيجاد الشيء مقدرا بمقدار كما هو المراد من سابقه، وتفسيره بذلك أيضا كما فعل بعيد كذا قيل: وتعقب أنه يجوز أن يراد منه هذا المتبادر والأصنام بذواتها وصورها وأشكالها مخلوقة لله تعالى عند أهل الحق لأن أفعال العباد وما يترتب عليها وينشأ منها من الآثار مخلوقة له عز وجل عندهم كما حقق بل لو قيل بتعين هذه الإرادة على ذلك الوجه لم يبعد، وقوله تعالى: الزمخشري ولا يملكون لأنفسهم ضرا ولا نفعا لبيان حالهم بعد خلقهم ووجودهم، والمراد لا يقدرون على التصرف في ضر ما ليدفعوه عن أنفسهم ولا في نفع ما حتى يجلبوه إليهم، ولما كان دفع الضر أهم أفيد أولا عجزهم عنه وقيل: لأنفسهم ليدل على غاية عجزهم لأن من لا يقدر على ذلك في حق نفسه لأن لا يقدر عليه في حق غيره من باب أولى. ومن خص الأحكام في الأصنام قال: إن هذا لبيان ما لم يدل عليه ما قبله من مراتب عجزهم وضعفهم فإن بعض المخلوقين العاجزين عن الخلق ربما يملك دفع الضر وجلب النفع في الجملة كالحيوان، وقد يقال: التصرف في الضر والنفع بالدفع والجلب على الإطلاق ليس على الحقيقة إلا لله عز وجل كما ينبئ عنه قوله سبحانه لنبيه صلى الله عليه وسلم: قل لا أملك لنفسي نفعا ولا ضرا إلا ما شاء الله [الأعراف: 188] وقوله تعالى: ولا يملكون موتا ولا حياة ولا نشورا أي لا يقدرون على التصرف في شيء منها بإماتة الأحياء وإحياء الموتى في الدنيا وبعثهم في الأخرى للتصريح بعجزهم عن كل واحد مما ذكر على التفصيل والتنبيه على أن الإله يجب أن يكون قادرا على جميع ذلك، وتقديم الموت لمناسبة الضر المقدم.