ومن باب الإشارة:
قيل في قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=7وقالوا مال هذا الرسول يأكل الطعام ويمشي في الأسواق إشارة قصور حال المنكرين على أولياء الله تعالى حيث شاركوهم في لوازم البشرية من الأكل والشرب ونحوهما، وقالوا في قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=20وجعلنا بعضكم لبعض فتنة إن وجه فتنته النظر إليه نفسه، والغفلة فيه عن ربه سبحانه، ويشعر هذا بأن كل ما سوى الله تعالى فتنة من هذه الحيثية.
وقال
ابن عطاء في قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=23وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا أطلعناهم على أعمالهم فطالعوها بعين الرضا، فسقطوا من أعيننا بذلك، وجعلنا أعمالهم هباء منثورا، وهذه الآية - وإن كانت في وصف الكفار - لكن في الحديث أن في المؤمنين من يجعل عمله هباء كما تضمنته.
فقد أخرج
nindex.php?page=showalam&ids=12181أبو نعيم في (الحلية)
nindex.php?page=showalam&ids=14231والخطيب في (المتفق والمفترق) عن
سالم مولى أبي حذيفة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «
ليجاءن يوم القيامة بقوم معهم حسنات مثل جبال تهامة حتى إذا جيء بهم جعل الله تعالى أعمالهم هباء ثم قذفهم في النار، قال سالم : بأبي وأمي يا رسول الله، حل لنا هؤلاء القوم، قال: كانوا يصومون ويصلون ويأخذون هنئة من الليل ولكن كانوا إذا عرض عليهم شيء من الحرام وثبوا عليه، فأدحض الله تعالى أعمالهم » وذكر في قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=27ويوم يعض الظالم الآية أن حكمه عام في كل متحابين على معصية الله تعالى.
وعن
nindex.php?page=showalam&ids=16871مالك بن دينار : نقل الأحجار مع الأبرار خير من أكل الخبيص مع الفجار، وفي قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=31وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا من المجرمين أنه يلزم من هذا - مع قولهم: كل ولي على قدم نبي - أن يكون
nindex.php?page=treesubj&link=28806لكل ولي عدو يتظاهر بعداوته ، وفيه إشارة إلى سوء حال من يفعل ذلك مع أولياء الله تعالى، ولذا قيل: إن عداوتهم علامة سوء الخاتمة والعياذ بالله تعالى، وفي قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=34الذين يحشرون على وجوههم إلى جهنم إشارة إلى أنهم كانوا متوجهين إلى جهة الطبيعة ولذا حشروا منكوسين، وفي قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=43أرأيت من اتخذ إلهه هواه أفأنت تكون عليه وكيلا [ ص: 56 ] أنه عام في كل من مال إلى هوى نفسه واتبعه فيما توجه إليه، ومن هنا دقق العارفون النظر في مقاصد أنفسهم حتى إنهم إذا أمرتهم بمعروف لم يسارعوا إليه، وتأملوا ماذا أردت بذلك، فقد حكي عن بعضهم أن نفسه لم تزل تحسه على الجهاد في سبيل الله تعالى، فاستغرب ذلك منها لعلمه أن النفس أمارة بالسوء، فأمعن النظر فإذا هي قد ضجرت من العبادة فأرادت الجهاد رجاء أن تقتل فتستريح مما هي فيه من النصب، ولم تقصد بذلك الطاعة، بل قصدت الفرار منها.
وقيل في قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=45ألم تر إلى ربك كيف مد الظل الآية، أي: ألم تر كيف مد ظل عالم الأجسام
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=45ولو شاء لجعله ساكنا في كتم العدم، ثم جعلنا شمس عالم الأرواح على وجود ذلك الظل دليلا بأن كانت محركة لها إلى غايتها المخلوقة هي لأجلها، فعرف من ذلك أنه لولا الأرواح لم تخلق الأجساد، وفي قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=46ثم قبضناه إلينا قبضا يسيرا إشارة إلى أن كل مركب فإنه سينحل إلى بسائطه إذا حصل على كماله الأخير، وبوجه آخر: الظل ما سوى نور الأنوار يستدل به على صانعه الذي هو شمس عالم الوجود، وهذا شأن الذاهبين من غيره سبحانه إليه عز وجل، وفي قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=45ثم جعلنا إشارة إلى مرتبة أعلى من ذلك، وهي الاستدلال به تعالى على غيره سبحانه كقوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=53أولم يكف بربك أنه على كل شيء شهيد وهذه مرتبة الصديقين.
وقوله سبحانه:
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=46ثم قبضناه كقوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=88كل شيء هالك إلا وجهه ، وألا إلى الله تصير الأمور وبوجه آخر: الظل حجاب الذهول والغفلة، والشمس شمس تجلي المعرفة من أفق العناية عند صباح الهداية، ولو شاء سبحانه لجعله دائما لا يزول، وإنما يستدل على الذهول بالعرفان، وفي قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=46ثم قبضناه إشارة إلى أن الكشف التام يحصل بالتدريج عند انقضاء مدة التكليف.
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=47وهو الذي جعل لكم الليل لباسا تستترون به عن رؤية الأجانب لكم واطلاعهم على حالكم من التواجد وسكب العبرات
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=47والنوم سباتا راحة لأبدانكم من نصب المجاهدات
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=47وجعل النهار نشورا تنتشرون فيه لطلب ضرورياتكم
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=48وهو الذي أرسل الرياح أي: رياح الاشتياق على قلوب الأحباب
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=48بشرا بين يدي رحمته من التجليات والكشوف
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=48وأنزلنا من سماء الكرم ماء حياة العرفان
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=49لنحيي به بلدة ميتا أي: قلوبا ميتة
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=49ونسقيه مما خلقنا أنعاما وهم الذين غلبت عليهم الصفات الحيوانية، يسقيهم سبحانه ليردهم إلى القيام بالعبادات
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=49وأناسي كثيرا وهم الذين سكنوا إلى رياض الإنس يسقيهم سبحانه من ذلك ليفطمهم عن مراضع الإنسانية إلى المشارب الروحانية
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=50ولقد صرفناه أي: القرآن الذي هو ماء حياة القلوب بينهم
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=50ليذكروا به موطنهم الأصلي
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=50فأبى أكثر الناس إلا كفورا بنعمة القرآن وما عرفوا قدرها
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=53وهو الذي مرج البحرين بحر الروح وبحر النفس (هذا) وهو بحر الروح
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=53عذب فرات من الصفات الحميدة الربانية، (وهذا) وهو بحر النفس
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=53ملح أجاج من الصفات الذميمة الحيوانية
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=53وجعل بينهما برزخا وحجرا محجورا فحرام على الروح أن يكون منشأ الصفات الذميمة، وعلى النفس أن تكون معدن الصفات الحميدة.
وذكر أن البرزخ هو القلب، وقال
ابن عطاء : تلاطمت صفتان فتلاقيتا في قلوب الخلق، فقلوب أهل المعرفة منورة بأنوار الهداية، مضيئة بضياء الإقبال، وقلوب أهل النكرة مظلمة بظلمات المخالفة، معرضة عن سنن التوفيق، وبينهما قلوب العامة ليس لها علم بما يرد عليها وما يصدر منها، ليس معها خطاب ولا لها جواب، وقيل: البحر العذب إشارة إلى بحر الشريعة، وعذوبته لما أن الشريعة سهلة لا حرج فيها ولا دقة في معانيها، ولذلك
[ ص: 57 ] صارت مورد الخواص والعوام، والبحر الملح إشارة إلى بحر الحقيقة، وملوحته لما أن الحقيقة صعبة المسالك لا يكاد يدرك ما فيها عقل السالك، والبرزخ إشارة إلى الطريقة؛ فإنها ليست بسهلة كالشريعة ولا صعبة كالحقيقة بل بين بين.
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=61تبارك الذي جعل في السماء بروجا قيل: هو إشارة إلى
nindex.php?page=treesubj&link=33679_29703أنه سبحانه جعل في سماء القلوب بروج المنازل والمقامات ، وهي اثنا عشر: التوبة والزهد والخوف والرجاء والتوكل والصبر والشكر واليقين والإخلاص والتسليم والتفويض والرضا، وهي منازل الأحوال السيارة: شمس التجلي، وقمر المشاهدة، وزهرة الشوق، ومشتري المحبة، وعطارد الكشوف، ومريخ الفناء، وزحل البقاء، «
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=63وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هونا » بغير فخر ولا خيلاء لما شاهدوا من كبرياء الله تعالى وجلاله جل شأنه.
وذكر بعضهم أن هؤلاء العباد يعاملون الأرض معاملة الحيوان لا الجماد، ولذا يمشون عليها هونا
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=63وإذا خاطبهم الجاهلون وهم أبناء الدنيا
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=63قالوا سلاما أي: سلامة من الله تعالى من شركم، أو إذا خاطبهم كل ما سوى الله تعالى من الدنيا والآخرة وما فيهما من اللذة والنعيم وتعرض لهم ليشغلهم عما هم فيه
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=63قالوا سلاما سلام متاركة وتوديع
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=64والذين يبيتون لربهم سجدا وقياما لما علموا أن
nindex.php?page=treesubj&link=24589الصلاة معراج المؤمن ، والليل وقت اجتماع المحب بالحبيب:
نهاري نهار الناس حتى إذا بدا لي الليل هزتني إليك المضاجع أقضي نهاري بالحديث وبالمنى
ويجمعني والهم بالليل جامع
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=65والذين يقولون ربنا اصرف عنا عذاب جهنم إن عذابها كان غراما إشارة إلى مزيد خوفهم من القطيعة والبعد عن محبوبهم، وذلك ما عنوه بعذاب جهنم لا العذاب المعروف، فإن المحب الصادق يستعذبه مع الوصال، ألا تسمع ما قيل:
فليت سليمى في المنام ضجيعتي في جنة الفردوس أو في جهنم
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=67والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا إشارة إلى أن فيوضاتهم حسب قابلية المفاض عليه لا يسرفون فيها بأن يفيضوا فوق الحاجة ولا يقترون بأن يفيضوا دون الحاجة، أو إلى أنهم إذا أنفقوا وجودهم في ذات الله تعالى وصفاته - جل شأنه - لم يبالغوا في الرياضة إلى حد تلف البدن ولم يقتروا في بذل الوجود بالركون إلى الشهوات
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=68والذين لا يدعون مع الله إلها آخر برفع حوائجهم إلى الأغيار
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=68ولا يقتلون النفس التي حرم الله قتلها
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=68إلا بالحق أي: إلا بسطوة تجلياته تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=68ولا يزنون بالتصرف في عجوز الدنيا ولا ينالون منها شيئا إلا بإذنه تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=72والذين لا يشهدون الزور لا يحضرون مجالس الباطل من الأقوال والأفعال
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=72وإذا مروا باللغو وهو ما لا يقربهم إلى محبوبهم
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=72مروا كراما معرضين عنه
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=73والذين إذا ذكروا بآيات ربهم لم يخروا عليها صما وعميانا بل أقبلوا عليها بالسمع والطاعة مشاهدين بعيون قلوبهم أنوار ما ذكروا به من كلام ربهم
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=74والذين يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا من ازدوج معنا وصحبنا (وذرياتنا) الذين أخذوا عنا
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=74قرة أعين بأن يوفقوا للعمل الصالح
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=74واجعلنا للمتقين إماما وهم الفائزون بالفناء والبقاء الأتمين
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=75أولئك يجزون الغرفة وهو مقام العندية
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=75بما صبروا في البداية على تكاليف الشريعة، وفي الوسط على التأدب بآداب الطريقة، وفي النهاية على ما تقتضيه الحقيقة
[ ص: 58 ] nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=75ويلقون فيها تحية هي أنس الأسرار بالحي القيوم وسلاما وهو سلامة القلوب من خطور القطيعة
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=76خالدين فيها حسنت مستقرا ومقاما لأنها مشهد الحق، ومحل رضا المحبوب المطلق.
نسأل الله تعالى أن يمن علينا برضائه، ويمنحنا بسوابغ نعمائه وآلائه بحرمة سيد أنبيائه، وأحب أحبائه، صلى الله عليه وسلم، وشرف قدره وعظم.
وَمِنْ بَابِ الْإِشَارَةِ:
قِيلَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=7وَقَالُوا مَالِ هَذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الأَسْوَاقِ إِشَارَةُ قُصُورِ حَالِ الْمُنْكِرِينَ عَلَى أَوْلِيَاءِ اللَّهِ تَعَالَى حَيْثُ شَارَكُوهُمْ فِي لَوَازِمِ الْبَشَرِيَّةِ مِنَ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَنَحْوِهِمَا، وَقَالُوا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=20وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً إِنَّ وَجْهَ فِتْنَتِهِ النَّظَرُ إِلَيْهِ نَفْسِهِ، وَالْغَفْلَةُ فِيهِ عَنْ رَبِّهِ سُبْحَانَهُ، وَيُشْعِرُ هَذَا بِأَنَّ كُلَّ مَا سِوَى اللَّهِ تَعَالَى فِتْنَةٌ مِنْ هَذِهِ الْحَيْثِيَّةِ.
وَقَالَ
ابْنُ عَطَاءٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=23وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا أَطْلَعْنَاهُمْ عَلَى أَعْمَالِهِمْ فَطَالَعُوهَا بِعَيْنِ الرِّضَا، فَسَقَطُوا مِنْ أَعْيُنِنَا بِذَلِكَ، وَجَعَلْنَا أَعْمَالَهُمْ هَبَاءً مَنْثُورًا، وَهَذِهِ الْآيَةُ - وَإِنْ كَانَتْ فِي وَصْفِ الْكُفَّارِ - لَكِنْ فِي الْحَدِيثِ أَنَّ فِي الْمُؤْمِنِينَ مَنْ يُجْعَلُ عَمَلُهُ هَبَاءً كَمَا تَضَمَّنَتْهُ.
فَقَدْ أَخْرَجَ
nindex.php?page=showalam&ids=12181أَبُو نُعَيْمٍ فِي (الْحِلْيَةِ)
nindex.php?page=showalam&ids=14231وَالْخَطِيبُ فِي (الْمُتَّفِقِ وَالْمُفْتَرِقِ) عَنْ
سَالِمٍ مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «
لَيُجَاءَنَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِقَوْمٍ مَعَهُمْ حَسَنَاتٌ مِثْلُ جِبَالِ تِهَامَةَ حَتَّى إِذَا جِيءَ بِهِمْ جَعَلَ اللَّهُ تَعَالَى أَعْمَالَهُمْ هَبَاءً ثُمَّ قَذَفَهُمْ فِي النَّارِ، قَالَ سَالِمٌ : بِأَبِي وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ، حُلَّ لَنَا هَؤُلَاءِ الْقَوْمَ، قَالَ: كَانُوا يَصُومُونَ وَيُصَلُّونَ وَيَأْخُذُونَ هِنْئَةً مِنَ اللَّيْلِ وَلَكِنْ كَانُوا إِذَا عُرِضَ عَلَيْهِمْ شَيْءٌ مِنَ الْحَرَامِ وَثَبُوا عَلَيْهِ، فَأَدْحَضَ اللَّهُ تَعَالَى أَعْمَالَهُمْ » وَذُكِرَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=27وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ الْآيَةَ أَنَّ حُكْمَهُ عَامٌّ فِي كُلِّ مُتَحَابَّيْنِ عَلَى مَعْصِيَةِ اللَّهِ تَعَالَى.
وَعَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16871مَالِكِ بْنِ دِينَارٍ : نَقْلُ الْأَحْجَارِ مَعَ الْأَبْرَارِ خَيْرٌ مِنْ أَكْلِ الْخَبِيصِ مَعَ الْفُجَّارِ، وَفِي قَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=31وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ أَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ هَذَا - مَعَ قَوْلِهِمْ: كُلُّ وَلِيٍّ عَلَى قَدَمِ نَبِيٍّ - أَنْ يَكُونَ
nindex.php?page=treesubj&link=28806لِكُلِّ وَلِيٍّ عَدُوٌّ يَتَظَاهَرُ بِعَدَاوَتِهِ ، وَفِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى سُوءِ حَالِ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مَعَ أَوْلِيَاءِ اللَّهِ تَعَالَى، وَلِذَا قِيلَ: إِنَّ عَدَاوَتَهُمْ عَلَامَةُ سُوءِ الْخَاتِمَةِ وَالْعِيَاذُ بِاللَّهِ تَعَالَى، وَفِي قَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=34الَّذِينَ يُحْشَرُونَ عَلَى وُجُوهِهِمْ إِلَى جَهَنَّمَ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّهُمْ كَانُوا مُتَوَجِّهِينَ إِلَى جِهَةِ الطَّبِيعَةِ وَلِذَا حُشِرُوا مَنْكُوسِينَ، وَفِي قَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=43أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلا [ ص: 56 ] أَنَّهُ عَامٌّ فِي كُلِّ مَنْ مَالَ إِلَى هَوَى نَفْسِهِ وَاتَّبَعَهُ فِيمَا تَوَجَّهَ إِلَيْهِ، وَمِنْ هُنَا دَقَّقَ الْعَارِفُونَ النَّظَرَ فِي مَقَاصِدِ أَنْفُسِهِمْ حَتَّى إِنَّهُمْ إِذَا أَمَرْتَهُمْ بِمَعْرُوفٍ لَمْ يُسَارِعُوا إِلَيْهِ، وَتَأَمَّلُوا مَاذَا أَرَدْتَ بِذَلِكَ، فَقَدْ حُكِيَ عَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّ نَفْسَهُ لَمْ تَزَلْ تَحُسُّهُ عَلَى الْجِهَادِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ تَعَالَى، فَاسْتَغْرَبَ ذَلِكَ مِنْهَا لِعِلْمِهِ أَنَّ النَّفْسَ أَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ، فَأَمْعَنَ النَّظَرَ فَإِذَا هِيَ قَدْ ضَجِرَتْ مِنَ الْعِبَادَةِ فَأَرَادَتِ الْجِهَادَ رَجَاءَ أَنْ تُقْتَلَ فَتَسْتَرِيحَ مِمَّا هِيَ فِيهِ مِنَ النَّصَبِ، وَلَمْ تَقْصِدْ بِذَلِكَ الطَّاعَةَ، بَلْ قَصَدَتِ الْفِرَارَ مِنْهَا.
وَقِيلَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=45أَلَمْ تَرَ إِلَى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ الْآيَةَ، أَيْ: أَلَمْ تَرَ كَيْفَ مَدَّ ظِلَّ عَالَمِ الْأَجْسَامِ
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=45وَلَوْ شَاءَ لَجَعَلَهُ سَاكِنًا فِي كَتْمِ الْعَدَمِ، ثُمَّ جَعَلْنَا شَمْسَ عَالَمِ الْأَرْوَاحِ عَلَى وُجُودِ ذَلِكَ الظِّلِّ دَلِيلًا بِأَنْ كَانَتْ مُحَرِّكَةً لَهَا إِلَى غَايَتِهَا الْمَخْلُوقَةِ هِيَ لِأَجْلِهَا، فَعُرِفَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْلَا الْأَرْوَاحُ لَمْ تُخْلَقِ الْأَجْسَادُ، وَفِي قَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=46ثُمَّ قَبَضْنَاهُ إِلَيْنَا قَبْضًا يَسِيرًا إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ كُلَّ مُرَكَّبٍ فَإِنَّهُ سَيَنْحَلُّ إِلَى بَسَائِطِهِ إِذَا حَصَلَ عَلَى كَمَالِهِ الْأَخِيرِ، وَبِوَجْهٍ آخَرَ: الظِّلُّ مَا سِوَى نُورِ الْأَنْوَارِ يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى صَانِعِهِ الَّذِي هُوَ شَمْسُ عَالَمِ الْوُجُودِ، وَهَذَا شَأْنُ الذَّاهِبِينَ مِنْ غَيْرِهِ سُبْحَانَهُ إِلَيْهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَفِي قَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=45ثُمَّ جَعَلْنَا إِشَارَةٌ إِلَى مَرْتَبَةٍ أَعْلَى مِنْ ذَلِكَ، وَهِيَ الِاسْتِدْلَالُ بِهِ تَعَالَى عَلَى غَيْرِهِ سُبْحَانَهُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=53أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ وَهَذِهِ مَرْتَبَةُ الصِّدِّيقِينَ.
وَقَوْلُهُ سُبْحَانَهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=46ثُمَّ قَبَضْنَاهُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=88كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلا وَجْهَهُ ، وَأَلَّا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ وَبِوَجْهٍ آخَرَ: الظِّلُّ حِجَابُ الذُّهُولِ وَالْغَفْلَةِ، وَالشَّمْسُ شَمْسُ تَجَلِّي الْمَعْرِفَةِ مِنْ أُفُقِ الْعِنَايَةِ عِنْدَ صَبَاحِ الْهِدَايَةِ، وَلَوْ شَاءَ سُبْحَانَهُ لَجَعَلَهُ دَائِمًا لَا يَزُولُ، وَإِنَّمَا يُسْتَدَلُّ عَلَى الذُّهُولِ بِالْعِرْفَانِ، وَفِي قَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=46ثُمَّ قَبَضْنَاهُ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ الْكَشْفَ التَّامَّ يَحْصُلُ بِالتَّدْرِيجِ عِنْدَ انْقِضَاءِ مُدَّةِ التَّكْلِيفِ.
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=47وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِبَاسًا تَسْتَتِرُونَ بِهِ عَنْ رُؤْيَةِ الْأَجَانِبِ لَكُمْ وَاطِّلَاعِهِمْ عَلَى حَالِكُمْ مِنَ التَّوَاجُدِ وَسَكْبِ الْعَبَرَاتِ
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=47وَالنَّوْمَ سُبَاتًا رَاحَةً لِأَبْدَانِكُمْ مِنْ نَصَبِ الْمُجَاهَدَاتِ
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=47وَجَعَلَ النَّهَارَ نُشُورًا تَنْتَشِرُونَ فِيهِ لِطَلَبِ ضَرُورِيَّاتِكُمْ
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=48وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ أَيْ: رِيَاحَ الِاشْتِيَاقِ عَلَى قُلُوبِ الْأَحْبَابِ
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=48بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ مِنَ التَّجَلِّيَاتِ وَالْكُشُوفِ
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=48وَأَنْزَلْنَا مِنْ سَمَاءِ الْكَرَمِ مَاءَ حَيَاةِ الْعِرْفَانِ
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=49لِنُحْيِيَ بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا أَيْ: قُلُوبًا مَيْتَةً
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=49وَنُسْقِيَهُ مِمَّا خَلَقْنَا أَنْعَامًا وَهُمُ الَّذِينَ غَلَبَتْ عَلَيْهِمُ الصِّفَاتُ الْحَيَوَانِيَّةُ، يَسْقِيهِمْ سُبْحَانَهُ لِيَرُدَّهُمْ إِلَى الْقِيَامِ بِالْعِبَادَاتِ
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=49وَأَنَاسِيَّ كَثِيرًا وَهُمُ الَّذِينَ سَكَنُوا إِلَى رِيَاضِ الْإِنْسِ يَسْقِيهِمْ سُبْحَانَهُ مِنْ ذَلِكَ لِيَفْطِمَهُمْ عَنْ مَرَاضِعِ الْإِنْسَانِيَّةِ إِلَى الْمَشَارِبِ الرُّوحَانِيَّةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=50وَلَقَدْ صَرَّفْنَاهُ أَيِ: الْقُرْآنَ الَّذِي هُوَ مَاءُ حَيَاةِ الْقُلُوبِ بَيْنَهُمْ
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=50لِيَذَّكَّرُوا بِهِ مَوْطِنَهُمُ الْأَصْلِيَّ
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=50فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلا كُفُورًا بِنِعْمَةِ الْقُرْآنِ وَمَا عَرَفُوا قَدْرَهَا
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=53وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ بَحْرَ الرُّوحِ وَبَحْرَ النَّفْسِ (هَذَا) وَهُوَ بَحْرُ الرُّوحِ
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=53عَذْبٌ فُرَاتٌ مِنَ الصِّفَاتِ الْحَمِيدَةِ الرَّبَّانِيَّةِ، (وَهَذَا) وَهُوَ بَحْرُ النَّفْسِ
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=53مِلْحٌ أُجَاجٌ مِنَ الصِّفَاتِ الذَّمِيمَةِ الْحَيَوَانِيَّةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=53وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخًا وَحِجْرًا مَحْجُورًا فَحَرَامٌ عَلَى الرُّوحِ أَنْ يَكُونَ مَنْشَأَ الصِّفَاتِ الذَّمِيمَةِ، وَعَلَى النَّفْسِ أَنْ تَكُونَ مَعْدِنَ الصِّفَاتِ الْحَمِيدَةِ.
وَذُكِرَ أَنَّ الْبَرْزَخَ هُوَ الْقَلْبُ، وَقَالَ
ابْنُ عَطَاءٍ : تَلَاطَمَتْ صِفَتَانِ فَتَلَاقَيَتَا فِي قُلُوبِ الْخَلْقِ، فَقُلُوبُ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ مُنَوَّرَةٌ بِأَنْوَارِ الْهِدَايَةِ، مُضِيئَةٌ بِضِيَاءِ الْإِقْبَالِ، وَقُلُوبُ أَهْلِ النَّكِرَةِ مُظْلِمَةٌ بِظُلُمَاتِ الْمُخَالَفَةِ، مُعْرِضَةٌ عَنْ سُنَنِ التَّوْفِيقِ، وَبَيْنَهُمَا قُلُوبُ الْعَامَّةِ لَيْسَ لَهَا عِلْمٌ بِمَا يَرِدُ عَلَيْهَا وَمَا يَصْدُرُ مِنْهَا، لَيْسَ مَعَهَا خِطَابٌ وَلَا لَهَا جَوَابٌ، وَقِيلَ: الْبَحْرُ الْعَذْبُ إِشَارَةٌ إِلَى بَحْرِ الشَّرِيعَةِ، وَعُذُوبَتُهُ لِمَا أَنَّ الشَّرِيعَةَ سَهْلَةٌ لَا حَرَجَ فِيهَا وَلَا دِقَّةَ فِي مَعَانِيهَا، وَلِذَلِكَ
[ ص: 57 ] صَارَتْ مَوْرِدَ الْخَوَاصِّ وَالْعَوَامِّ، وَالْبَحْرُ الْمِلْحُ إِشَارَةٌ إِلَى بَحْرِ الْحَقِيقَةِ، وَمُلُوحَتُهُ لِمَا أَنَّ الْحَقِيقَةَ صَعْبَةُ الْمَسَالِكِ لَا يَكَادُ يُدْرِكُ مَا فِيهَا عَقْلُ السَّالِكِ، وَالْبَرْزَخُ إِشَارَةٌ إِلَى الطَّرِيقَةِ؛ فَإِنَّهَا لَيْسَتْ بِسَهْلَةٍ كَالشَّرِيعَةِ وَلَا صَعْبَةٍ كَالْحَقِيقَةِ بَلْ بَيْنَ بَيْنَ.
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=61تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا قِيلَ: هُوَ إِشَارَةٌ إِلَى
nindex.php?page=treesubj&link=33679_29703أَنَّهُ سُبْحَانَهُ جَعَلَ فِي سَمَاءِ الْقُلُوبِ بُرُوجَ الْمَنَازِلِ وَالْمَقَامَاتِ ، وَهِيَ اثْنَا عَشَرَ: التَّوْبَةُ وَالزُّهْدُ وَالْخَوْفُ وَالرَّجَاءُ وَالتَّوَكُّلُ وَالصَّبْرُ وَالشُّكْرُ وَالْيَقِينُ وَالْإِخْلَاصُ وَالتَّسْلِيمُ وَالتَّفْوِيضُ وَالرِّضَا، وَهِيَ مَنَازِلُ الْأَحْوَالِ السَّيَّارَةِ: شَمْسُ التَّجَلِّي، وَقَمَرُ الْمُشَاهَدَةِ، وَزَهْرَةُ الشَّوْقِ، وَمُشْتَرِي الْمَحَبَّةِ، وَعُطَارِدُ الْكُشُوفِ، وَمِرِّيخُ الْفَنَاءِ، وَزُحَلُ الْبَقَاءِ، «
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=63وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الأَرْضِ هَوْنًا » بِغَيْرِ فَخْرٍ وَلَا خُيَلَاءَ لِمَا شَاهَدُوا مِنْ كِبْرِيَاءِ اللَّهِ تَعَالَى وَجَلَالِهِ جَلَّ شَأْنُهُ.
وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّ هَؤُلَاءِ الْعِبَادَ يُعَامِلُونَ الْأَرْضَ مُعَامَلَةَ الْحَيَوَانِ لَا الْجَمَادِ، وَلِذَا يَمْشُونَ عَلَيْهَا هَوْنًا
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=63وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ وَهُمْ أَبْنَاءُ الدُّنْيَا
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=63قَالُوا سَلامًا أَيْ: سَلَامَةً مِنَ اللَّهِ تَعَالَى مِنْ شَرِّكُمْ، أَوْ إِذَا خَاطَبَهُمْ كُلُّ مَا سِوَى اللَّهِ تَعَالَى مِنَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمَا فِيهِمَا مِنَ اللَّذَّةِ وَالنَّعِيمِ وَتَعَرَّضَ لَهُمْ لِيَشْغَلَهُمْ عَمَّا هُمْ فِيهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=63قَالُوا سَلامًا سَلَامُ مُتَارَكَةٍ وَتَوْدِيعٍ
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=64وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا لِمَا عَلِمُوا أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=24589الصَّلَاةَ مِعْرَاجُ الْمُؤْمِنِ ، وَاللَّيْلَ وَقْتُ اجْتِمَاعِ الْمُحِبِّ بِالْحَبِيبِ:
نَهَارِي نَهَارُ النَّاسِ حَتَّى إِذَا بَدَا لِي اللَّيْلُ هَزَّتْنِي إِلَيْكَ الْمَضَاجِعُ أَقْضِي نَهَارِي بِالْحَدِيثِ وَبِالْمُنَى
وَيَجْمَعُنِي وَالْهَمَّ بِاللَّيْلِ جَامِعُ
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=65وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا إِشَارَةٌ إِلَى مَزِيدِ خَوْفِهِمْ مِنَ الْقَطِيعَةِ وَالْبُعْدِ عَنْ مَحْبُوبِهِمْ، وَذَلِكَ مَا عَنَوْهُ بِعَذَابِ جَهَنَّمَ لَا الْعَذَابُ الْمَعْرُوفُ، فَإِنَّ الْمُحِبَّ الصَّادِقَ يَسْتَعْذِبُهُ مَعَ الْوِصَالِ، أَلَا تَسْمَعَ مَا قِيلَ:
فَلَيْتَ سُلَيْمَى فِي الْمَنَامِ ضَجِيعَتِي فِي جَنَّةِ الْفِرْدَوْسِ أَوْ فِي جَهَنَّمَ
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=67وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ فُيُوضَاتِهِمْ حَسَبَ قَابِلِيَّةِ الْمُفَاضِ عَلَيْهِ لَا يُسْرِفُونَ فِيهَا بِأَنْ يُفِيضُوا فَوْقَ الْحَاجَةِ وَلَا يُقَتِّرُونَ بِأَنْ يُفِيضُوا دُونَ الْحَاجَةِ، أَوْ إِلَى أَنَّهُمْ إِذَا أَنْفَقُوا وُجُودَهُمْ فِي ذَاتِ اللَّهِ تَعَالَى وَصِفَاتِهِ - جَلَّ شَأْنُهُ - لَمْ يُبَالِغُوا فِي الرِّيَاضَةِ إِلَى حَدِّ تَلَفِ الْبَدَنِ وَلَمْ يُقَتِّرُوا فِي بَذْلِ الْوُجُودِ بِالرُّكُونِ إِلَى الشَّهَوَاتِ
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=68وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ بِرَفْعِ حَوَائِجِهِمْ إِلَى الْأَغْيَارِ
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=68وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ قَتْلَهَا
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=68إِلا بِالْحَقِّ أَيْ: إِلَّا بِسَطْوَةِ تَجَلِّيَاتِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=68وَلا يَزْنُونَ بِالتَّصَرُّفِ فِي عَجُوزِ الدُّنْيَا وَلَا يَنَالُونَ مِنْهَا شَيْئًا إِلَّا بِإِذْنِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=72وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ لَا يَحْضُرُونَ مَجَالِسَ الْبَاطِلِ مِنَ الْأَقْوَالِ وَالْأَفْعَالِ
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=72وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ وَهُوَ مَا لَا يُقَرِّبُهُمْ إِلَى مَحْبُوبِهِمْ
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=72مَرُّوا كِرَامًا مُعْرِضِينَ عَنْهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=73وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمًّا وَعُمْيَانًا بَلْ أَقْبَلُوا عَلَيْهَا بِالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ مُشَاهِدِينَ بِعُيُونِ قُلُوبِهِمْ أَنْوَارَ مَا ذُكِّرُوا بِهِ مِنْ كَلَامِ رَبِّهِمْ
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=74وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا مَنِ ازْدَوَجَ مَعَنَا وَصَحِبَنَا (وَذُرِّيَّاتِنَا) الَّذِينَ أَخَذُوا عَنَّا
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=74قُرَّةَ أَعْيُنٍ بِأَنْ يُوَفَّقُوا لِلْعَمَلِ الصَّالِحِ
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=74وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا وَهُمُ الْفَائِزُونَ بِالْفَنَاءِ وَالْبَقَاءِ الْأَتَمَّيْنِ
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=75أُولَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ وَهُوَ مَقَامُ الْعِنْدِيَّةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=75بِمَا صَبَرُوا فِي الْبِدَايَةِ عَلَى تَكَالِيفِ الشَّرِيعَةِ، وَفِي الْوَسَطِ عَلَى التَّأَدُّبِ بِآدَابِ الطَّرِيقَةِ، وَفِي النِّهَايَةِ عَلَى مَا تَقْتَضِيهِ الْحَقِيقَةُ
[ ص: 58 ] nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=75وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً هِيَ أُنْسُ الْأَسْرَارِ بِالْحَيِّ الْقَيُّومِ وَسَلاماً وَهُوَ سَلَامَةُ الْقُلُوبِ مِنْ خُطُورِ الْقَطِيعَةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=76خَالِدِينَ فِيهَا حَسُنَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا لِأَنَّهَا مَشْهَدُ الْحَقِّ، وَمَحَلُّ رِضَا الْمَحْبُوبِ الْمُطْلَقِ.
نَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى أَنْ يَمُنَّ عَلَيْنَا بِرِضَائِهِ، وَيَمْنَحَنَا بِسَوَابِغِ نَعْمَائِهِ وَآلَائِهِ بِحُرْمَةِ سَيِّدِ أَنْبِيَائِهِ، وَأَحَبِّ أَحِبَّائِهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَشَرَّفَ قَدْرَهُ وَعَظَّمَ.