فأخرجناهم أي: فرعون وجنوده، أي: خلقنا فيهم داعية الخروج بهذا [ ص: 83 ] السبب الذي تضمنته الآيات الثلاث فحملتهم عليه، أو خلقنا خروجهم من جنات وعيون كانت لهم بحافتي النيل - كما روي عن وغيره - ابن عمر وكنوز أي: أموال كنزوها وخزنوها تحت الأرض، وخصت بالذكر؛ لأن الأموال الظاهرة أمور لازمة لهم؛ لأنها من ضروريات معاشهم، فإخراجهم عنها معلوم بالضرورة، وقيل: لأن أموالهم الظاهرة قد انطمست بالتدمير.
وتعقب بأن الإخراج قبل الانطماس إذ من جملة الأموال الظاهرة الجنات، والإخبار عنهم بأنهم أخرجوا منها بعنوان كونها جنات، والأصل فيه الحقيقة.
وعلى تقدير تسليم أنه بعد يرد أن المدمر ما كان يصنع فرعون وقومه وما كانوا يعرشون، وهو مفسر بالقصور والعمارات والجنان، فيبقى ما سوى ذلك غير محكوم عليه بالتدمير من الأموال الظاهرة مع أنهم أخرجوا منه أيضا، فيحتاج توجيه عدم التعرض له بغير ما ذكر.
وقيل: المراد بالكنوز أموالهم الباطنة والظاهرة، وأطلق عليها ذلك؛ لأنها لم ينفق منها في طاعة الله تعالى، ونقل ذلك عن ، والأول أوفق باللغة. مجاهد
وأكثر جهلة أهل مصر يزعمون أن هذه الكنوز في المقطم من أرض مصر ، وأنها موجودة إلى الآن، وقد بذلوا على إخراجها أموالا كثيرة لشياطين المغاربة وغيرهم فلم يظفروا إلا بالتراب أو حجر الكذان، وقال : المراد بالعيون عيون الذهب وهو خلاف المتبادر، ومثله ما قاله ابن جبير من أن المراد بالكنوز الأنهار الضحاك ومقام كريم هي المساكن الحسان كما قال ، وعن النقاش ابن لهيعة أنها كانت بالفيوم من أرض مصر ، وقيل: مجالس الأمراء والأشراف والحكام التي تحفها الأتباع، وقيل: الأسرة في الكلل، وحكى أنها مرابط الخيل، وعن الماوردي ابن عباس ومجاهد أنها المنابر للخطباء، وقرأ والضحاك قتادة «ومقام» بضم الميم من أقام. والأعرج