ثم دمرنا الآخرين أهلكناهم أشد إهلاك وأفظعه، وكان ذلك الائتفاك، والظاهر العطف على (نجينا) والتدمير متراخ عن التنجية من مطلق العذاب، فلا حاجة إلى القول بأن المراد: (أردنا تنجيته) أو: (حكمنا بها) أو معنى (فنجيناه) فاستجبنا دعاءه في تنجيته، وكل ذلك خلاف الظاهر، وجوز الطيبي كون (ثم) للتراخي في الرتبة.
وأمطرنا عليهم مطرا أي: نوعا من المطر غير معهود، فقد كان حجارة من سجيل، كما صرح به في قوله تعالى: فلما جاء أمرنا جعلنا عاليها سافلها وأمطرنا عليها حجارة من سجيل .
وجمع الأمران لهم زيادة في إهانتهم. وقيل: كان الائتفاك لطائفة والإمطار لأخرى منهم، وكانت هذه - على ما روي عن - للذين كانوا خارجين من القرية لبعض حوائجهم، ولعله مراد مقاتل بالشذاذ فيما روي عنه قتادة فساء مطر المنذرين اللام فيه للجنس، وبه يتسنى وقوع المضاف إليه فاعل (ساء) بناء على أنها بمعنى بئس، والمخصوص بالذم محذوف، وهو مطرهم، وإذا لم تكن (ساء) كذلك جاز كونها للعهد.