واضرب لهم مثلا أصحاب القرية إما عطف على ما قبله عطف القصة على القصة وإما عطف على مقدر أي فأنذرهم واضرب لهم الخ، وضرب المثل يستعمل تارة في تطبيق حالة غريبة بأخرى مثلها كما في قوله تعالى: ضرب الله مثلا للذين كفروا امرأت نوح [التحريم: 10] الآية، وأخرى في ذكر حالة غريبة وبيانها للناس من غير قصد إلى تطبيقها بنظيرة لها كما في قوله تعالى: وضربنا لكم الأمثال [إبراهيم: 45] في وجه، أي بينا لكم أحوالا بديعة هي في الغرابة كالأمثال، فالمعنى على الأول اجعل أصحاب القرية مثلا لهؤلاء في الغلو في الكفر والإصرار على التكذيب، أي طبق حالهم بحالهم على أن مثلا مفعول ثان لـ (اضرب) و أصحاب القرية مفعوله الأول أخر عنه ليتصل به ما هو شرحه وبيانه، وعلى الثاني اذكر وبين لهم قصة هي في الغرابة كالمثل.
وقوله سبحانه أصحاب القرية بتقدير مضاف أي مثل أصحاب القرية، وهذا المضاف بدل من مثلا بدل كل من كل أو عطف بيان له على القول بجواز اختلافهما تعريفا وتنكيرا، وجوز أن يكون المقدر مفعولا وهذا حالا، والقرية كما روي عن وبريدة ابن عباس وعكرمة أنطاكية، وفي البحر أنها هي بلا خلاف.
إذ جاءها المرسلون بدل اشتمال من أصحاب القرية أو ظرف للمقدر، وجوز أن يكون بدل كل من أصحاب مرادا بهم قصتهم وبالظرف ما فيه وهو تكلف لا داعي إليه، وقيل: إذ جاءها دون إذ جاءهم إشارة إلى أن المرسلين أتوهم في مقرهم، والمرسلون عند وغيره من أجلة المفسرين رسل قتادة عيسى عليه السلام من الحواريين بعثهم حين رفع إلى السماء، ونسبة إرسالهم إليه تعالى في قوله سبحانه: