وقيل: يجوز أن يكون تمنيه ذلك ليعلموا أنهم كانوا على خطأ عظيم في أمره، وأنه كان على صواب ونصيحة وشفقة، وأن عداوتهم لم تكسبه إلا فوزا ولم تعقبه إلا سعادة؛ لأن في ذلك زيادة غبطة له وتضاعف لذة وسرور، والوجه الأول أولى، والظاهر أن ما مصدرية، ويجوز أن تكون موصولة، والعائد مقدر؛ أي: يا ليت قومي يعلمون بالذي غفر لي به أي بسببه ربي أو بالذي غفره؛ أي: بالغفران الذي غفره لي ربي، والمراد تعظيم مغفرته تعالى له فتؤول إلى المصدرية، وقال أي بالذي غفره لي ربي من الذنوب. وتعقب بأنه ليس بجيد؛ إذ يؤول إلى تمني علمهم بذنوبه المغفورة ولا يحسن ذلك، وكذا عطف: "وجعلني من المكرمين" عليه لا ينتظم، وما قيل من أن الغرض منه الأعلام بعظم مغفرة الله تعالى ووفور كرمه وسعة رحمته فلا يبعد حينئذ إرادة معنى الاطلاع عليها لذلك، بل هو أوقع في النفس من ذكر المغفرة مجردة عن ذكر المغفور لاحتمال حقارته تكلف. وأجاز الزمخشري: أن تكون استفهامية والجار صلة "غفر" أي: بأي شيء غفر لي ربي. يريد به المهاجرة عن دينهم والمصابرة على أذيتهم حتى قتل. وتعقبه الفراء بأنه لو صح ذلك لقيل: "بم" بغير ألف؛ فإن اللغة الفصيحة حذفها إذا جرت ما الاستفهامية بحرف جر نحو: الكسائي عم يتساءلون وقوله:
علام أقول الرمح أثقل عاتقي إذا أنا لم أطعن إذا الخيل كرت
فرقا بينها وبين الموصولة، وإثباتها نادر، وقيل: مختص بالضرورة نحو قوله:على ما قام يشتمني لئيم كخنزير تمرغ في رماد
إنا قتلنا بقتلانا سراتكم أهل اللواء ففيما يكثر القتل