فلا تحسبون الخير لا شر بعده ولا تحسبون الشر ضربة لازب
قيل: والمراد ملتزق بعضه ببعض، وبذلك فسره كما أخرجه ابن مسعود ويرجع إلى حسن العجن جيد التخمير، وأخرج ابن أبي حاتم وغيره عن ابن المنذر أنه يلزق باليد إذا مس بها، وقال قتادة : خلق الطبري آدم من تراب وماء وهواء ونار، وهذا كله إذا خلط صار طينا لازبا يلزم ما جاوره، واللازب عليه بمعنى اللازم وهو قريب مما تقدم، وقد قرئ "لازم" بالميم بدل الباء و "لاتب" بالتاء بدل الزاي والمعنى واحد. وحكي في [ ص: 76 ] البحر عن أنه عبر عن اللازب بالحر أي الكريم الجيد، وفي رواية أنه قال: اللازب الجيد. ابن عباس
وأخرج عبد بن حميد عن وابن المنذر أنه قال: لازب أي لازم منتن، ولعل وصفه بمنتن مأخوذ من قوله تعالى مجاهد من حمإ مسنون لكن أخرج عن ابن أبي حاتم أنه قال: اللازب والحمأ والطين واحد كان أوله ترابا ثم صار حمأ منتنا ثم صار طينا لازبا فخلق الله تعالى منه ابن عباس آدم عليه السلام.
وأيا ما كان فخلقهم من طين لازب إما شهادة عليهم بالضعف والرخاوة، لأن ما يصنع من الطين غير موصوف بالصلابة والقوة، أو احتجاج عليهم في أمر البعث بأن الطين اللازب الذي خلقوا منه في ضمن خلق أبيهم آدم - عليه السلام - تراب، فمن أين استنكروا أن يخلقوا منه مرة ثانية حيث قالوا أإذا متنا وكنا ترابا وعظاما أإنا لمبعوثون ويعضد هذا - على ما في الكشاف - ما يتلوه من ذكر إنكارهم البعث.