قوله تعالى : بشيرا ونذيرا وموصوفها وهو ( قرآنا ) بناء على أنه صفة له بالصلة وهي ( لقوم ) على تقدير تعلقه - بتنزيل - أو - بفصلت - وبين الصلة - وموصولها بالصفة أي ( تنزيل ) أو ( فصلت ولقوم ) والجمع للمبالغة على حد قولك لمن يفرق بين آخرين : لا تفعل فإن التفريق بين الإخوان مذموم أو أراد لئلا يفرق بين الصلتين في الحكم مع عدم الموجب للتفريق وهو أن يتصل ( من الرحمن ) بموصوله ولا يتصل ( لقوم ) وكذلك بين الصفتين وهو ( عربيا ) بموصوفه ولا يتصل ( بشيرا ) والجمع لذلك أيضا . واختار كون الجار والمجرور صلة ( فصلت ) وقال : يبعد تعلقه - بتنزيل - لكونه وصف قبل أخذ متعلقه إن كان ( من الرحمن ) في موضع الصفة أو أبدل منه ( كتاب ) أو كان خبرا - لتنزيل - فيكون في ذلك البدل من الموصول أو الإخبار عنه قبل أخذه متعلقه وهو لا يجوز ولعل ذلك غير مجمع عليه ، وكون ( بشيرا ) صفة ( قرآنا ) هو المشهور ، وجوز أن يكون مع ما عطف عليه حال من ( كتاب ) أو من ( آياته ) وقرأ أبو حيان «بشير » و «نذير » برفعهما وهي رواية شاذة عن زيد بن علي على الوصفية لكتاب أو الخبرية لمحذوف أي هو بشير لأهل الطاعة ونذير لأهل المعصية نافع فأعرض أكثرهم عن تدبره وقبوله ، والضمير للقوم على المعنى الأول ليعلمون وللكفار المذكورين حكما على المعنى الثاني ، ويجوز أن يكون للقوم عليه أيضا بأن يراد به [ ص: 96 ] ما من شأنهم العلم والنظر فهم لا يسمعون أي لا يقبلون ولا يطيعون من قولك : تشفعت إلى فلان فلم يسمع قولي ولقد سمعه ولكنه لما لم يقبله ولم يعمل بمقتضاه فكأنه لم يسمعه وهو مجاز مشهور .
وفي الكشف أن قوله تعالى : فأعرض مقابل قوله تعالى : لقوم يعلمون وقوله سبحانه : فهم لا يسمعون مقابل قوله جل شأنه : بشيرا ونذيرا أي أنكروا إعجازه والإذعان له مع العلم ولم يقبلوا بشائره ونذره لعدم التدبر .