وقرأ الحرميان وأبو عمرو والنخعي وعيسى «نحسات » بسكون الحاء فاحتمل أن يكون مصدرا وصف به مبالغة ، واحتمل أن يكون صفة مخففا من فعل كصعب . وفي البحر تتبعت ما ذكره التصريفيون مما جاء صفة من فعل اللازم فلم يذكروا فيه فعلا بسكون العين وإنما ذكروا فعلا بالكسر كفرح وأفعل كأحور وفعلان كشبعان وفاعلا كسالم ، وهو صفة ( أيام ) وجمع بالألف والتاء لأنه صفة لما لا يعقل ، والمراد بها مشائيم عليهم لما أنهم عذبوا فيها ، فاليوم الواحد يوصف بالنحس والسعد بالنسبة إلى شخصين فيقال له سعد بالنسبة إلى من ينعم فيه ، ويقال له نحس بالنسبة إلى من يعذب ، وليس هذا مما يزعمه الناس من خصوصيات الأوقات ، لكن ذكر والأعرج الكرماني في مناسكه عن أنه قال : الأيام كلها لله تعالى لكنه سبحانه خلق بعضها نحوسا وبعضها سعودا ، وتفسير ابن عباس نحسات بمشائيم مروي عن مجاهد وقتادة ، وقال والسدي : أي شديدة البرد حتى كأن البرد عذاب لهم ، وأنشد الضحاك في النحس بمعنى البرد : الأصمعي
[ ص: 113 ]
كأن سلافه مزجت بنحس
وقيل : نحسات ذوات غبار ، وإليه ذهب ومنه قول الراجز : الجبائي
قد اغتدى قبل طلوع الشمس للصيد في يوم قليل النحس
يريد قليل الغبار ، وكانت هذه الأيام من آخر شباط وتسمى أيام العجوز ، وكانت فيما روي عن ابن عباس ومجاهد آخر شوال من الأربعاء إلى الأربعاء ، وروي ما عذب قوم إلا في يوم الأربعاء ، وقال وقتادة : أولها غداة يوم الأحد ، وقال السدي : يوم الجمعة الربيع بن أنس لنذيقهم عذاب الخزي في الحياة الدنيا أضيف العذاب إلى الخزي وهو الذل على قصد وصفه به لقوله تعالى : ولعذاب الآخرة أخزى وهو في الأصل صفة المعذب وإنما وصف به العذاب على الإسناد المجازي للمبالغة ، فإنه يدل على أن ذل الكافر زاد حتى اتصف به عذابه كما قرر في قولهم : شعر شاعر ، وهذا في مقابلة استكبارهم وتعظمهم . وقرئ «لتذيقهم » بالتاء على أن الفاعل ضمير الريح أو الأيام النحسات وهم لا ينصرون بدفع العذاب عنهم بوجه من الوجوه .