وقوله تعالى: رزقا للعباد أي ليرزقهم علة لقوله تعالى: فأنبتنا وفي تعليله بذلك بعد تعليل أنبتنا الأول بالتبصير والتذكير تنبيه على أن اللائق بالعبد أن يكون انتفاعه بذلك من حيث التذكر والاستبصار أقدم وأهم من تمتعه به من حيث الرزق، وجوز أن يكون ( رزقا ) مصدرا من معنى أنبتنا لأن الإنبات رزق فهو من قبيل قعدت جلوسا، وأن يكون حالا بمعنى مرزوقا وأحيينا به أي بذلك الماء بلدة ميتا أرضا جدبة لا نماء فيها بأن جعلناها بحيث ربت أو أنبتت وتذكير ( ميتا ) لأن البلدة بمعنى البلد والمكان، وقرأ أبو جعفر وخالد (ميتا) بالتثقيل كذلك الخروج جملة [ ص: 177 ] قدم فيها الخبر للقصد إلى القصر وذلك إشارة إلى الحياة المستفادة من الإحياء، وما فيه من معنى البعد إشعار ببعد الرتبة أي مثل تلك الحياة البديعة حياتكم بالبعث من القبور لا كشيء مخالف لها، وفي التعبير عن إخراج النبات من الأرض بالإحياء وعن إحياء الموتى بالخروج تفخيم لشأن الإنبات وتهوين لأمر البعث وتحقيق للمماثلة بين إخراج النبات وإحياء الموتى لتوضيح منهاج القياس وتقريبه إلى إفهام الناس، وجوز أن يكون الكاف في محل رفع على الابتداء الخروج خبر، ونقل عن أنه قال: ( كذلك ) الخبر وهو الظاهر، ولكونه مبتدأ وجه وهو أن يقال: ذلك الخروج مبتدأ وخبر على نحو الزمخشري أبو يوسف ، والكاف واقع موقع مثل في قولك: مثل زيد أخوك ولا يخفى أنه تكلف. أبو حنيفة