وأما من جاءك يسعى أي: حال كونه مسرعا طالبا لما عندك من أحكام الرشد وخصال الخير وهو يخشى أي: يخاف الله تعالى وقيل: أذية الكفار في الإتيان، وقيل: العثار والكبوة؛ إذ لم يكن معه قائد والجملة حال من فاعل «يسعى» كما أن جملة «يسعى» حال من فاعل «جاءك» واستظهر بعض الأفاضل أن النظم الجليل من الاحتباك ذكر الغنى أولا للدلالة على الفقر ثانيا، والمجيء والخشية ثانيا للدلالة على ضدهما أولا وكأنه حمل استغنى على ما نقل أخيرا واستشعر ما قيل عليه فاحتاج لدفعه إلى هذا التكلف، وعدم الاحتياج إليه على ما نقلناه في غاية الظهور فأنت عنه تلهى تتشاغل، يقال: لهي عنه كرضي، ورمى والتهى وتلهى، وفي تقديم ضميره عليه الصلاة والسلام على الفعلين تنبيه على أن مناط الإنكار خصوصيته عليه الصلاة والسلام وتقديم له، وعنه قيل للتعريض بالاهتمام بمضمونها وقيل للعناية لأنهما منشأ العتاب، وقيل للفاصلة وقيل للحصر وذكر التصدي في المستغني دون الاشتغال به وهو المقابل للتلهي عن المسرع الخاشي والتلهي عنه دون عدم التصدي له وهو المقابل للتصدي لذلك قيل للإشعار بأن العتاب للاهتمام بالأول لا للاشتغال به؛ إذ الاشتغال بالكفار غير ممنوع وعلى الاشتغال عن الثاني لا لأنه لا اهتمام له صلى الله تعالى عليه وسلم في أمره إذ الاهتمام غير واجب؛ لأنه عليه الصلاة والسلام ليس إلا منذرا. وقرأ البزي عن «عنه تلهى» بإدغام تاء المضارعة في تاء تفعل، ابن كثير: «تلهى» بضم التاء مبنيا للمفعول؛ أي: يشغلك الحرص على دعاء الكافر للإسلام، وأبو جعفر: «تتلهى» بتاءين وعنه بتاء واحدة وسكون اللام. وطلحة