وقوله سبحانه: يوم لا تملك نفس لنفس شيئا والأمر يومئذ لله بيان إجمالي لشأن يوم الدين إثر إبهامه وإفادة خروجه عن الدائرة الدراية، قيل: بطريق إنجاز الوعد؛ فإن نفي الإدراء مشعر بالوعد الكريم بالإدراء على ما روي عن من أنه قال: كل ما في القرآن من قوله تعالى: ( ما أدراك ) فقد أدراه وكل ما فيه من قوله عز وجل ( ما يدريك ) فقد طوي عنه. ( ويوم ) منصوب بإضمار اذكر كأنه قيل بعد تفخيم أمر يوم الدين وتشويقه صلى الله تعالى عليه وسلم إلى معرفته: اذكر يوم لا تملك نفس من النفوس لنفس من النفوس مطلقا لا للكفارة فقط كما روي عن ابن عباس شيئا من الأشياء إلخ؛ فإنه يدريك ما هو، أو مبني على الفتح محله الرفع على أنه خبر مبتدأ محذوف على رأي من يرى جواز بناء الظرف إذا أضيف إلى غير متمكن وهم الكوفيون؛ أي: هو يوم لا تملك إلخ. وقيل: هو نصب على الظرفية بإضمار يدانون أو يشتد الهول أو نحوه مما يدل عليه السياق، أو هو مبني على الفتح محله الرفع على أنه بدل من ( يوم الدين ) وكلاهما ليسا بذاك لخلوهما عن إفادة ما أفاده ما قبل. مقاتل
وقرأ ابن أبي إسحاق وعيسى وابن جندب وابن كثير «يوم» بالرفع بلا تنوين على أنه خبر مبتدأ محذوف؛ أي: هو يوم لا بدل لما سمعت آنفا. وقرأ وأبو عمرو: محبوب عن «يوم» بالرفع والتنوين فجملة: أبي عمرو: لا تملك إلخ في موضع الصفة له، والعائد محذوف؛ أي: فيه والأمر كما قال في الكشف واحد الأوامر لقوله تعالى: لمن الملك اليوم فإن الأمر [ ص: 67 ] من شأن الملك المطاع واللام للاختصاص أي الأمر له تعالى لا لغيره سبحانه لا شركة ولا استقلالا؛ أي: إن التصرف جميعه في قبضة قدرته عز وجل لا غير. وفي تحقيق قوله تعالى: لا تملك نفس لنفس شيئا لدلالته على أن الكل مسوسون مطيعون مشتغلون بحال أنفسهم مقهورون بعبوديتهم لسطوات الربوبية، وقيل: واحد الأمور أعني الشأن وليس بذاك. وقول فيما أخرجه عند قتادة عبد بن حميد أي: ليس ثم أحد يقضي شيئا ولا يصنع شيئا غير رب العالمين تفسير الحاصل المعنى لا إيثار لذلك، هذا وقوله وحده ليس بحجة يترك له الظاهر والمنازعة في الظهور مكابرة، وأيا ما كان فلا دلالة في الآية على نفي وابن المنذر؛ كما لا يخفى. والله تعالى أعلم. الشفاعة يوم القيامة