وشاهد ومشهود أي: ومن يشهد بذلك اليوم ويحضره من الخلائق المبعوثين فيه وما يحضر فيه من الأهوال والعجائب فيكون الله عز وجل قد أقسم سبحانه بيوم القيامة وما فيه تعظيما لذلك اليوم وإرهابا لمنكريه، وتنكير الوصفين للتعظيم؛ أي: وشاهد ومشهود لا يكتنه وصفهما أو للتكثير كما قيل في: علمت نفس ما أحضرت .
وأخرج وجماعة عن الترمذي مرفوعا: أبي هريرة وروي ذلك عن «الشاهد يوم الجمعة والمشهود يوم عرفة» أبي مالك الأشعري وجبير بن مطعم رضي الله تعالى عنهما مرفوعا أيضا، وأخرجه جماعة عن كرم الله تعالى وجهه وغيره من الصحابة والتابعين. علي
وأخرج وصححه عنه مرفوعا أيضا: الحاكم «الشاهد يوم عرفة، ويوم الجمعة، والمشهود يوم القيامة».
وأخرج عبد بن حميد عن وابن المنذر كرم الله تعالى وجهه: «الشاهد يوم الجمعة، والمشهود يوم النجم». علي
وأخرج ابن جرير عن وابن مردويه الحسن بن علي رضي الله تعالى عنهما وكرم وجههما أن رجلا سأله عن ذلك فقال: هل سألت أحدا قبلي؟ قال: نعم. سألت ابن عمر فقالا: يوم الذبح ويوم الجمعة. قال: لا، ولكن الشاهد وابن الزبير محمد. وفي رواية جدي رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم ثم قرأ: وجئنا بك على هؤلاء شهيدا والمشهود يوم القيامة. ثم قرأ: ذلك يوم مجموع له الناس وذلك يوم مشهود وروى وجماعة من طرق عن النسائي رضي الله تعالى عنهما نحوه. وأخرج ابن عباس عبد بن حميد وابن المنذر عنه والشاهد الله عز وجل والمشهود يوم القيامة. وعن وابن أبي حاتم مجاهد وعكرمة وعطاء بن يسار: الشاهد آدم عليه السلام وذريته والمشهود يوم القيامة. وعن الشاهد يوم التروية، والمشهود يوم عرفة. وعن ابن المسيب: الشاهد الحفظة والمشهود -أي عليه-: الناس. وعن الترمذي: عبد العزيز بن يحيى: هما رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم وأمته عليه الصلاة والسلام، وعنه أيضا: هما الأنبياء عليهم السلام وأممهم. وعن ابن جبير هما الجوارح وأصحابها. وقيل: هما يوم الاثنين ويوم الجمعة، وقيل: هما الملائكة المتعاقبون عليهم السلام وقرآن الفجر، وقيل: هما النجم والليل والنهار، وقيل: الشاهد الله تعالى والملائكة وأولو العلم والمشهود به الوحدانية، وإن الدين عند الله تعالى الإسلام، وقيل: الشاهد مخلوقاته تعالى، والمشهود به الوحدانية. وقيل: هما ومقاتل: الحجر الأسود والحجيج، وقيل: الليالي والأيام وبنو آدم، فعن ما من يوم إلا ينادي: إني يوم جديد، وإني على ما يعمل في شهيد فاغتنمني؛ فلو غابت شمسي لم تدركني إلى يوم القيامة. وقيل: أمة النبي صلى الله تعالى عليه وسلم وسائر [ ص: 87 ] الأمم. وجوز أن يراد بهما المقربون والعليون؛ لقوله تعالى: الحسن: كتاب مرقوم يشهده المقربون وأن يراد بالشاهد الطفل الذي قال: يا أماه اصبري؛ فإنك على الحق كما سيجيء إن شاء الله تعالى.
والمشهود له أمه والمؤمنون؛ لأنه إذا كانت أمه على الحق فسائر المؤمنين كذلك. وقيل: وجميع الأقوال في ذلك على ما وقفت عليه نحو من ثلاثين قولا، والوصف على بعضها من الشهادة بمعنى الحضور ضد المغيب، وعلى بعضها الآخر من الشهادة على الخصوم أوله شهادة الجوارح؛ بأن ينطقها الله تعالى الذي أنطق كل شيء، وكذا الحجر الأسود ولا بعد في حضوره يوم القيامة للشهادة للحجيج، وأما شهادة اليوم فيمكن أن تكون بعد ظهوره في صورة كظهور القرآن على صورة الرجل الشاحب إذ يتلقى صاحبه عند قيامه من قبره وظهور الموت في صورة كبش يوم القيامة حتى يذبح بين الجنة والنار إلى غير ذلك. وقال الله تعالى قادر على أن يحضر اليوم ليشهد ولم يبين كيفية ذلك؛ فإن كانت كما ذكرنا فذاك، وإن كانت شيئا آخر بأن يحضر نفس اليوم في ذلك اليوم؛ فالظاهر أنه يلزم أن يكون للزمان زمان؛ وهو إن جوزه من جوزه من المتكلمين لكن في الشهادة بلسان القال عليه خفاء، ومثلها نداء اليوم الذي سمعته آنفا عن الشهاب: إن كان بلسان القال أيضا دون لسان الحال كما هو الأرجح عندي. واختار الحسن من الأقوال على تقدير أن يراد بالشهادة الشهادة بالمعنى الثاني القول بأن الشاهد من يشهد في ذلك اليوم أعني اليوم الموعود يوم القيامة، وأن المشهود من يشهد عليه فيه، وعلى تقدير أن يراد بها الشهادة بالمعنى الأول القول بأن الشاهد الخلائق الحاضرون للحساب، وأن المشهود اليوم، ولعل تكرير القسم به وإن اختلف العنوان لزيادة تعظيمه فتأمل. أبو حيان
وجواب القسم قيل: هو قوله تعالى: إن الذين فتنوا وقال هو قوله تعالى: المبرد إن بطش ربك لشديد وصرح به وأخرج ابن جريج، ابن المنذر وصححه عن والحاكم ما يدل عليه وقال غير واحد: هو ابن مسعود