وقوله تعالى:
nindex.php?page=treesubj&link=34229_34234_29058nindex.php?page=tafseer&surano=87&ayano=6سنقرئك فلا تنسى بيان لهدايته تعالى شأنه الخاصة برسوله صلى الله تعالى عليه وسلم إثر بيان هدايته عز وجل العامة لكافة مخلوقاته سبحانه وهي هدايته عليه الصلاة والسلام لتلقي الوحي وحفظ القرآن الذي هو هدى للعالمين وتوفيقه صلى الله تعالى عليه وسلم لهداية الناس أجمعين. والسين إما للتأكيد وإما لأن المراد إقراء ما أوحي إليه صلى الله تعالى عليه وسلم حينئذ وما سيوحى إليه عليه الصلاة والسلام بعد؛ فهو وعد كريم باستمرار الوحي في ضمن الوعد بالإقراء وإسناد الإقراء إليه تعالى مجازي؛ أي: سنقرئك ما نوحي إليك الآن وفيما بعد على لسان
جبريل عليه السلام؛ فإنه عليه السلام الواسطة في الوحي على سائر كيفياته فلا تنسى أصلا من قوة الحفظ والإتقان مع أنك أمي لم تكن تدري ما الكتاب وما القراءة ليكون ذلك لك آية مع ما في تضاعيف ما تقرؤه من الآيات البينات من حيث الإعجاز ومن حيث الإخبار بالمغيبات، وجوز أن يكون المعنى: سنجعلك قارئا بإلهام القراءة؛ أي في الكتاب من دون تعليم أحد كما هو العادة.
فقد روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=15639جعفر الصادق رضي الله تعالى عنه أنه عليه الصلاة والسلام كان يقرأ الكتابة ولا يكتب.
ويكون المراد بقوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=87&ayano=6فلا تنسى نفي النسيان مطلقا عنه عليه الصلاة والسلام وامتنانا عليه صلى الله تعالى عليه وسلم بأنه أوتي قوة الحفظ، وفيه أنه مع كونه خلاف المأثور عن السلف في الآية تأباه فاء التفريع.
وجوز أيضا أن يكون المراد نفي نسيان المضمون أي: سنقرئك القرآن فلا تغفل عنه فتخالفه في أعمالك، ففيه وعد بتوفيقه عليه الصلاة والسلام لالتزام ما فيه من الأحكام وهو كما ترى. وقيل: فلا تنسى نهي، والألف لمراعاة الفاصلة؛ كما في قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=67فأضلونا السبيلا وفيه أن النسيان ليس بالاختيار فلا ينهى عنه إلا أن يراد مجازا ترك أسبابه الاختيارية أو ترك العمل بما تضمنه المقروء، وفيه ارتكاب تكلف من غير داع، وأيضا رسمه بالياء يقتضي أنها من البنية لا للإطلاق، وكون رسم المصحف مخالفا تكلف أيضا. نعم قيل: رسمت ألف الإطلاق ياء لموافقة غيرها من الفواصل وموافقة أصلها مع أن
الإمام المرزوقي صرح بأنه عند الإطلاق ترد المحذوفة، وقيل: هو نهي لكن لم تحذف الألف فيه إذ قد لا يحذف الجازم حرف العلة وحسن ذلك هنا مراعاة الفاصلة، وفيه أيضا ما فيه، والأهون للطالب معنى النهي أن يقول: هو خبر أريد به النهي على أحد التأويلين السابقين آنفا.
وَقَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=treesubj&link=34229_34234_29058nindex.php?page=tafseer&surano=87&ayano=6سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسَى بَيَانٌ لِهِدَايَتِهِ تَعَالَى شَأْنُهُ الْخَاصَّةِ بِرَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِثْرَ بَيَانِ هِدَايَتِهِ عَزَّ وَجَلَّ الْعَامَّةِ لِكَافَّةِ مَخْلُوقَاتِهِ سُبْحَانَهُ وَهِيَ هِدَايَتُهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ لِتَلَقِّي الْوَحْيِ وَحِفْظِ الْقُرْآنِ الَّذِي هُوَ هُدًى لِلْعَالَمِينَ وَتَوْفِيقِهِ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِهِدَايَةِ النَّاسِ أَجْمَعِينَ. وَالسِّينُ إِمَّا لِلتَّأْكِيدِ وَإِمَّا لِأَنَّ الْمُرَادَ إِقْرَاءُ مَا أُوحِيَ إِلَيْهِ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَئِذٍ وَمَا سَيُوحَى إِلَيْهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ بَعْدُ؛ فَهُوَ وَعْدٌ كَرِيمٌ بِاسْتِمْرَارِ الْوَحْيِ فِي ضِمْنِ الْوَعْدِ بِالْإِقْرَاءِ وَإِسْنَادُ الْإِقْرَاءِ إِلَيْهِ تَعَالَى مَجَازِيٌّ؛ أَيْ: سَنُقْرِئُكَ مَا نُوحِي إِلَيْكَ الْآنَ وَفِيمَا بَعْدُ عَلَى لِسَانِ
جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ؛ فَإِنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ الْوَاسِطَةُ فِي الْوَحْيِ عَلَى سَائِرِ كَيْفِيَّاتِهِ فَلَا تَنْسَى أَصْلًا مِنْ قُوَّةِ الْحِفْظِ وَالْإِتْقَانِ مَعَ أَنَّكَ أُمِّيٌّ لَمْ تَكُنْ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَمَا الْقِرَاءَةُ لِيَكُونَ ذَلِكَ لَكَ آيَةً مَعَ مَا فِي تَضَاعِيفِ مَا تَقْرَؤُهُ مِنَ الْآيَاتِ الْبَيِّنَاتِ مِنْ حَيْثُ الْإِعْجَازُ وَمِنْ حَيْثُ الْإِخْبَارُ بِالْمُغَيَّبَاتِ، وَجُوِّزَ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى: سَنَجْعَلُكَ قَارِئًا بِإِلْهَامِ الْقِرَاءَةِ؛ أَيْ فِي الْكِتَابِ مِنْ دُونِ تَعْلِيمِ أَحَدٍ كَمَا هُوَ الْعَادَةُ.
فَقَدْ رُوِيَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=15639جَعْفَرٍ الصَّادِقِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ كَانَ يَقْرَأُ الْكِتَابَةَ وَلَا يَكْتُبُ.
وَيَكُونُ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=87&ayano=6فَلا تَنْسَى نَفْيَ النِّسْيَانِ مُطْلَقًا عَنْهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ وَامْتِنَانًا عَلَيْهِ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَنَّهُ أُوتِيَ قُوَّةَ الْحِفْظِ، وَفِيهِ أَنَّهُ مَعَ كَوْنِهِ خِلَافَ الْمَأْثُورِ عَنِ السَّلَفِ فِي الْآيَةِ تَأْبَاهُ فَاءُ التَّفْرِيعِ.
وَجُوِّزَ أَيْضًا أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ نَفْيَ نِسْيَانِ الْمَضْمُونِ أَيْ: سَنُقْرِئُكَ الْقُرْآنَ فَلَا تَغْفُلْ عَنْهُ فَتُخَالِفُهُ فِي أَعْمَالِكَ، فَفِيهِ وَعْدٌ بِتَوْفِيقِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ لِالْتِزَامِ مَا فِيهِ مِنَ الْأَحْكَامِ وَهُوَ كَمَا تَرَى. وَقِيلَ: فَلَا تَنْسَى نَهْيٌ، وَالْأَلِفُ لِمُرَاعَاةِ الْفَاصِلَةِ؛ كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=67فَأَضَلُّونَا السَّبِيلا وَفِيهِ أَنَّ النِّسْيَانَ لَيْسَ بِالِاخْتِيَارِ فَلَا يُنْهَى عَنْهُ إِلَّا أَنْ يُرَادَ مَجَازًا تَرْكُ أَسْبَابِهِ الِاخْتِيَارِيَّةِ أَوْ تَرْكُ الْعَمَلِ بِمَا تَضَمَّنَهُ الْمَقْرُوءُ، وَفِيهِ ارْتِكَابُ تَكَلُّفٍ مِنْ غَيْرِ دَاعٍ، وَأَيْضًا رَسْمُهُ بِالْيَاءِ يَقْتَضِي أَنَّهَا مِنَ الْبِنْيَةِ لَا لِلْإِطْلَاقِ، وَكَوْنُ رَسْمِ الْمُصْحَفِ مُخَالِفًا تَكَلُّفٌ أَيْضًا. نَعَمْ قِيلَ: رُسِمَتْ أَلِفُ الْإِطْلَاقِ يَاءً لِمُوَافَقَةِ غَيْرِهَا مِنَ الْفَوَاصِلِ وَمُوَافَقَةِ أَصْلِهَا مَعَ أَنَّ
الْإِمَامَ الْمَرْزُوقِيَّ صَرَّحَ بِأَنَّهُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ تُرَدُّ الْمَحْذُوفَةُ، وَقِيلَ: هُوَ نَهْيٌ لَكِنْ لَمْ تُحْذَفِ الْأَلِفُ فِيهِ إِذْ قَدْ لَا يَحْذِفُ الْجَازِمُ حَرْفَ الْعِلَّةِ وَحَسَّنَ ذَلِكَ هُنَا مُرَاعَاةُ الْفَاصِلَةِ، وَفِيهِ أَيْضًا مَا فِيهِ، وَالْأَهْوَنُ لِلطَّالِبِ مَعْنَى النَّهْيِ أَنْ يَقُولَ: هُوَ خَبَرٌ أُرِيدَ بِهِ النَّهْيُ عَلَى أَحَدِ التَّأْوِيلَيْنِ السَّابِقَيْنِ آنِفًا.