وقوله تعالى: وجوه يومئذ ناعمة شروع في رواية حديث أهل الجنة وتقديم حكاية أهل النار لأنه أدخل في تهويل الغاشية وتفخيم حديثها، ولأن حكاية حسن حال أهل الجنة بعد حكاية سوء حال أهل النار مما يزيد المحكي حسنا وبهجة، والكلام في إعرابه نظير ما تقدم وإنما لم تعطف هذه الجملة على تلك الجملة إيذانا بكمال تباين مضمونيهما. والناعمة إما من النعومة وكنى بها عن البهجة وحسن المنظر، أي: وجوه يومئذ ذات بهجة وحسن كقوله تعالى: تعرف في وجوههم نضرة النعيم أو من النعيم أي: وجوه يومئذ متنعمة لسعيها أي: لعملها الذي عملته في دار الدنيا وهو متعلق بقوله تعالى: راضية والتقديم للاعتناء مع رعاية الفاصلة واللام ليست للتعليل بل مثلها في رضيت بكذا، فكأنه قيل: راضية بسعيها. وذكر بعض المحققين أنها مقوية لتعدي الوصف بنفسه، ولذا قال في ذلك كما أخرجه عنه سفيان ابن أبي حاتم:
رضيت عملها، ورضاها به كناية أو مجاز عن أنه محمود العاقبة مجازى عليه أعظم الجزاء وأحسنه. [ ص: 115 ] وقيل: في الكلام مضاف مقدر؛ أي: لثواب سعيها راضية، وجوز كون اللام للتعليل؛ أي: لأجل سعيها في طاعة الله تعالى راضية حيث أوتيت وما أوتيت من الخير وليس بذاك.