[ ص: 117 ] وإلى السماء التي يشاهدونها ليلا ونهارا كيف رفعت رفعا سحيق المدى بلا عماد ولا مساك بحيث لا يناله الفهم والإدراك وإلى الجبال التي ينزلون في أقطارها وينتفعون بمائها وأشجارها كيف نصبت وضعت وضعا ثابتا يتأتى معه ارتقاؤها فلا تميل ولا تميد ويمكن الرقي إلى دارها وإلى الأرض التي يضربون فيها ويتقلبون عليها كيف سطحت سفحا بتوطئة وتمهيد وتسوية وتوطيد حسبما يقتضيه صلاح أمور أهلها ولا ينافي ذلك القول بأنها قريبة من الكرة الحقيقية لمكان عظمها. وقرأ كرم الله تعالى وجهه علي وأبو حيوة «خلقت» «رفعت» «نصبت» «سطحت» بتاء المتكلم مبنيا للفاعل، والمفعول ضمير محذوف، وهو العائد إلى المبدل منه بدل اشتمال؛ أي: خلقتها رفعتها نصبتها سطحتها. وقرأ وابن أبي عبلة: الحسن وهارون الرشيد: «سطحت» بتشديد الطاء، والمعنى: أفلا ينظرون نظر التدبر والاعتبار إلى كيفية خلق هذه المخلوقات الشاهدة بحقية البعث والنشور ليرجعوا عما هم عليه من الإنكار والنفور ويسمعوا إنذارك ويستعدوا للقائه بالإيمان والطاعة. وجوز أن يحمل النظر على الإبصار ويكون فيه دعوى ظهور المطلوب بحيث يظهر بمجرد إبصار هذه المخلوقات، وهو خلاف الظاهر.