هذا، ومن باب الإشارة الإجمالية في بعض الآيات السابقة: أنه سبحانه أشار بقوله عز من قائل:
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=22ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم إلى النهي عن التصرف في السفليات، التي هي الأمهات، التي قد تصرف فيها الآباء العلوية، إلا ما قد سلف من التدبير الإلهي في ازدواج الأرواح؛ لضرورة الكمالات؛ فإن الركون إلى العالم السفلي يوجب مقت الحق سبحانه.
وأشار سبحانه بتحريم المحصنات من النساء، أي: الأمور التي تميل إليها النفوس إلى تحريم طلب السالك مقاما ناله غيره، وليس له قابلية لنيله، ومن هنا قوبل الكلام بالصعق لما سأل الرؤية، وقال شاعر الحقيقة المحمدية:
ولست مريدا أرجعن بلن ترى ولست بطور كي يحركني الصدع
[ ص: 13 ] وقال سيدي
ابن الفارض على لسانها:
وإذا سألتك أن أراك حقيقة فاسمع ولا تجعل جوابي لن ترى
ولقد أحسن بعض المحجوبين حيث يقول:
إذا لم تستطع شيئا فدعه وجاوزه إلى ما تستطيع
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12099النيسابوري: المحصنات من النساء الدنيا حرمها الله تعالى على خلص عباده، وأباح لهم بقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=24إلا ما ملكت أيمانكم تناول الأمور الضرورية من المأكل والمشرب،
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=24محصنين أي: حرائر من الدنيا وما فيها
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=24غير مسافحين في الطلب مياه الوجوه، ثم أمرهم إذا استمتعوا بشيء من ذلك بأن يؤدوا حقوقه من الشكر والطاعة والذكر مثلا، وعلى هذا النمط ما في سائر الآيات، ولم يظهر لي في البنات والأخوات والعمات والخالات وبنات الأخ وبنات الأخت والمرضعات والأخوات من الرضاع والربائب والجمع بين الأختين ما ينشرح له الخاطر، وتبتهج به الضمائر، ولا شبهة لي في أن لله تعالى عبادا يعرفونه على التحقيق، ولكنهم في الزوايا، وكم في الزوايا من خبايا، والله يقول الحق وهو يهدي السبيل.
هَذَا، وَمِنْ بَابِ الْإِشَارَةِ الْإِجْمَالِيَّةِ فِي بَعْضِ الْآيَاتِ السَّابِقَةِ: أَنَّهُ سُبْحَانَهُ أَشَارَ بِقَوْلِهِ عَزَّ مِنْ قَائِلٍ:
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=22وَلا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ إِلَى النَّهْيِ عَنِ التَّصَرُّفِ فِي السُّفْلِيَّاتِ، الَّتِي هِيَ الْأُمَّهَاتُ، الَّتِي قَدْ تَصَرَّفَ فِيهَا الْآبَاءُ الْعُلْوِيَّةُ، إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ مِنَ التَّدْبِيرِ الْإِلَهِيِّ فِي ازْدِوَاجِ الْأَرْوَاحِ؛ لِضَرُورَةِ الْكِمَالَاتِ؛ فَإِنَّ الرُّكُونَ إِلَى الْعَالَمِ السُّفْلِيِّ يُوجِبُ مَقْتَ الْحَقِّ سُبْحَانَهُ.
وَأَشَارَ سُبْحَانَهُ بِتَحْرِيمِ الْمُحْصَنَاتِ مِنَ النِّسَاءِ، أَيِ: الْأُمُورِ الَّتِي تَمِيلُ إِلَيْهَا النُّفُوسُ إِلَى تَحْرِيمِ طَلَبِ السَّالِكِ مَقَامًا نَالَهُ غَيْرُهُ، وَلَيْسَ لَهُ قَابِلِيَّةٌ لِنَيْلِهِ، وَمِنْ هُنَا قُوبِلَ الْكَلَامُ بِالصَّعْقِ لَمَّا سَأَلَ الرُّؤْيَةَ، وَقَالَ شَاعِرُ الْحَقِيقَةِ الْمُحَمَّدِيَّةِ:
وَلَسْتُ مُرِيدًا أَرْجِعَنَّ بِلَنْ تَرَى وَلَسْتُ بِطُورٍ كَيْ يُحَرِّكَنِي الصَّدْعُ
[ ص: 13 ] وَقَالَ سَيِّدِي
ابْنُ الْفَارِضِ عَلَى لِسَانِهَا:
وَإِذَا سَأَلْتُكَ أَنْ أَرَاكَ حَقِيقَةً فَاسْمَعْ وَلَا تَجْعَلْ جَوَابِي لَنْ تَرَى
وَلَقَدْ أَحْسَنَ بَعْضُ الْمَحْجُوبِينَ حَيْثُ يَقُولُ:
إِذَا لَمْ تَسْتَطِعْ شَيْئًا فَدَعْهُ وَجَاوِزْهُ إِلَى مَا تَسْتَطِيعُ
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12099النَّيْسَابُورِيُّ: الْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ الدُّنْيَا حَرَّمَهَا اللَّهُ تَعَالَى عَلَى خُلَّصِ عِبَادِهِ، وَأَبَاحَ لَهُمْ بِقَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=24إِلا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ تَنَاوُلَ الْأُمُورِ الضَّرُورِيَّةِ مِنَ الْمَأْكَلِ وَالْمُشْرَبِ،
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=24مُحْصِنِينَ أَيْ: حَرَائِرَ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=24غَيْرَ مُسَافِحِينَ فِي الطَّلَبِ مِيَاهَ الْوُجُوهِ، ثُمَّ أَمَرَهُمْ إِذَا اسْتَمْتَعُوا بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ بِأَنْ يُؤَدُّوا حُقُوقَهُ مِنَ الشُّكْرِ وَالطَّاعَةِ وَالذِّكْرِ مَثَلًا، وَعَلَى هَذَا النَّمَطِ مَا فِي سَائِرِ الْآيَاتِ، وَلَمْ يَظْهَرْ لِي فِي الْبَنَاتِ وَالْأَخَوَاتِ وَالْعَمَّاتِ وَالْخَالَاتِ وَبَنَاتِ الْأَخِ وَبَنَاتِ الْأُخْتِ وَالْمُرْضِعَاتِ وَالْأَخَوَاتِ مِنَ الرِّضَاعِ وَالرَّبَائِبِ وَالْجَمْعِ بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ مَا يَنْشَرِحُ لَهُ الْخَاطِرُ، وَتَبْتَهِجُ بِهِ الضَّمَائِرُ، وَلَا شُبْهَةَ لِي فِي أَنَّ لِلَّهِ تَعَالَى عِبَادًا يَعْرِفُونَهُ عَلَى التَّحْقِيقِ، وَلَكِنَّهُمْ فِي الزَّوَايَا، وَكَمْ فِي الزَّوَايَا مِنْ خَبَايَا، وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ.