وقوله عز وجل: وأما إذا ما ابتلاه عامله معاملة من يبتليه ويختبره بالحاجة والفقر ليرى هل يصبر أم لا.
فقدر عليه رزقه فيقول ربي أهانن بتقدير: وأما هو أي الإنسان إذا ما ابتلاه إلخ ليصح التفصيل ويتم التوازن، وبقية الكلام فيه كما في سابقه. والظاهر أن كلتا الجملتين متضمنة لإنكار قول الإنسان الذي تضمنته، وإنكار قوله إذا ضيق عليه رزقه: ربي أهانن لدلالته على قصور نظره وسوء فكره حيث حسب أن تضييق الرزق إهانة مع أنه قد يؤدي إلى كرامة الدارين ولعدم كونه إهانة أصلا لم يقل سبحانه في تفسير الابتلاء فأهانه «وقدر عليه رزقه» نظير ما قال سبحانه أولا: فأكرمه ونعمه وإنكار قوله إذا أكرم ربي أكرمني مع قوله تعالى: فأكرمه أولا من حيث إنه أثبت إكرام الله تعالى له على خلاف ما أثبت الله تعالى وهو قصد أن الله تعالى أعطاه ما أعطاه إكراما له مستحقا ومستوجبا قصدا جاريا على ما كانوا عليه من افتخارهم وزعمهم جلالة أقدارهم. والحاصل أن المنكر كونه عن استحقاق لحسب أو نسب في المفصل ما يدل على أن أصل الإكرام منكر لا كونه عن استحقاق، وإنكار أصل الإهانة يعضده. ووجهه ما أثبته تعالى من الإكرام أن الله عز وجل أثبت الإكرام بإيتاء المال والتوسعة وهو جعله إكراما كليا مثبتا للزلفى عنده تعالى فأنكر أنه ليس من ذلك الإكرام في شيء، وجوز أن يكون الإنكار للإهانة فقط؛ يعني أنه إذا تفضل عليه بالخير وأكرم به اعترف بتفضل الله تعالى وإكرامه، وإذا لم يتفضل عليه سمى ترك التفضل هوانا وليس به قيل، ويعضده ذكر الإكرام في قوله تعالى: فأكرمه وفي الآية مع ما بعد شمة من أسلوب قوله تعالى: إن الإنسان خلق هلوعا إذا مسه الشر جزوعا وإذا مسه الخير منوعا ولا يخفى أن الوجه هو الأول.
وقرأ «أكرمني» و «أهانني» بإثبات الياء فيهما، ابن كثير: بإثباتها وصلا وحذفها وقفا، وخير في الوجهين ونافع وحذفها باقي السبعة فيهما وصلا ووقفا، من حذفها وقفا سكن النون فيه، وقرأ أبو عمرو، أبو جعفر وعيسى وخالد بخلاف عنه والحسن «فقدر» بتشديد الدال للمبالغة. وابن عامر: