والقمر إذا تلاها أي: تبعها فقيل: باعتبار طلوعه وطلوعها؛ أي: إذا تلا طلوعه طلوعها بأن طلع من الأفق الشرقي بعد [ ص: 141 ] طلوعها؛ وذلك أول الشهر، فإن الشمس إذا طلعت من الأفق الشرقي أول النهار يطلع بعدها القمر لكن لا سلطان له فيرى بعد غروبها هلالا ومناسبة ذلك للقسم به لأنه وصف له بابتداء أمره، فكما أن الضحى كشباب النهار فكذا غرة الشهر كولادته. وقيل: باعتبار طلوعه وغروبها؛ أي: إذا تلا طلوعه غروبها وذلك في ليلة البدر رابع عشر الشهر، فإنه حينئذ في مقابلة الشمس والبعد بينهما نصف دور الفلك فإذا كانت في النصف الفوقاني منه أعني ما يلي رؤوسنا كان القمر في التحتاني منه أعني ما يلي أقدامنا، فإذا غربت طلع من الأفق الشرقي وهو المروي عن وقولهم: سمي بدرا لأنه يسبق طلوعه غروب الشمس فكأنه بدرها بالطلوع لا ينافيه لأنه مبني على التقريب، ومناسبة ذلك للقسم به لأنه وقت ظهور سلطانه فيناسب تعظيم شأنه. وقال قتادة. تبعها في الشهر كله ففي النصف الأول تبعها بالطلوع وفي الآخر بالغروب، ومراده ما ذكر في القولين. وقيل: المراد تبعها في الإضاءة بأن طلع وظهر مضيئا عند غروبها آخذا من نورها؛ وذلك في النصف الأول من الشهر فإنه فيه يأخذ كل ليلة منه قدرا من النور بخلافه في النصف الثاني وهو مروي عن ابن زيد: ابن سلام واختاره الزمخشري.
وقال الحسن كما في البحر: أي: تبعها في كل وقت لأنه يستضيء منها فهو يتلوها لذلك، وأنكر بعض الناس ذهاب أحد من السلف إلى أن نور القمر مستفاد من ضوء الشمس وزعم أنه رأي المنجمين لا غير. وما ذكر حجة عليه، والحجة عن أصل المسألة أظهر من الشمس وهي اختلاف تشكلاته النورية قربا وبعدا منها مع ذهاب نوره عند حيلولة الأرض بينه وبينها. وكون الاختلاف لاحتمال أن يكون أحد نصفيه مضيئا والنصف الآخر غير مضيء وأنه يتحرك على محوره حركة وضعية حتى يرى كل نصف منهما تدريجا، وكون ذهاب النور عند الحيلولة لاحتمال حيلولة جسم كثيف بيننا وبينه لا نراه أضعف من حبال القمر كما لا يخفى. وقال والفراء وغيره: الزجاج تلاها معناه امتلأ واستدار فكان تابعا لها في الاستدارة وكمال النور.