[ ص: 55 ] انظر كيف يفترون على الله الكذب في زعمهم أنهم أزكياء عند الله تعالى المتضمن لزعمهم قبول الله تعالى وارتضاءه إياهم، ولشناعة هذا لما فيه من نسبته تعالى إلى ما يستحيل عليه بالكلية وجه النظر إلى كيفيته تشديدا للتشنيع، وتأكيدا للتعجيب الدال عليه الكلام، وإلا فهم أيضا مفترون على أنفسهم بادعائهم الاتصاف بما هم متصفون بنقيضه و(كيف) في موضع نصب إما على التشبيه بالظرف أو بالحال، على الخلاف المشهور بين سيبويه والعامل (يفترون) و(به) متعلق به. والأخفش،
وجوز أن يكون حالا من الكذب، وقيل: هو متعلق به، والجملة في موضع النصب بعد نزع الخافض، وفعل النظر معلق بذلك، والتصريح بالكذب - مع أن الافتراء لا يكون إلا كذبا - للمبالغة في تقبيح حالهم أبو البقاء وكفى به أي بافترائهم، وقيل: بهذا الكذب الخاص إثما مبينا لا يخفى كونه مأثما من بين آثامهم، وهذا عبارة عن كونه عظيما منكرا، والجملة - كما قال عصام الملة -: في موضع الحال بتقدير قد، أي: كيف يفترون الكذب، والحال أن ذلك ينافي مضمونه؛ لأنه إثم مبين، والآثم بالإثم المبين غير المتحاشي عنه مع ظهوره، لا يكون ابن الله سبحانه وتعالى وحبيبه، ولا يكون زكيا عند الله تعالى، وانتصاب (إثما) على التمييز.