والذين آمنوا وعملوا الصالحات مبتدأ خبره قوله تعالى: سندخلهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا وجوز أن يكون الموصول في موضع نصب بفعل محذوف يفسره ما بعده، ولا يخفى مرجوحيته، وهذا وعد للمؤمنين إثر وعيد الكافرين، وإنما قرنهما سبحانه وتعالى زيادة لمسرة أحبائه ومساءة أعدائه أبو البقاء وعد الله حقا أي: وعدهم وعدا وأحقه حقا، فالأول مؤكد لنفسه كله على ما ألف عرفا؛ فإن مضمون الجملة السابقة لا تحتمل غيره؛ إذ ليس الوعد إلا الإخبار عن إيصال المنافع قبل وقوعه.
والثاني مؤكد لغيره، كـ(زيد قائم حقا) فإن الجملة الخبرية بالنظر إلى نفسها وقطع النظر عن قائلها تحتمل الصدق والكذب، والحق والباطل، وجوز أن ينتصب (وعد) على أنه مصدر لـ(سندخلهم) على ما قال من غير لفظه؛ لأنه في معنى نعدهم إدخال جنات، ويكون (حقا) حالا منه. أبو البقاء
ومن أصدق من الله قيلا تذييل للكلام السابق مؤكد له، فالواو اعتراضية، و(القيل) مصدر قال، ومثله القال.
وعن ابن السكيت: إنهما اسمان لا مصدران، ونصبه على التمييز، ولا يخفى ما في الاستفهام، وتخصيص اسم الذات الجليل الجامع، وبناء أفعل، وإيقاع القول تمييزا من المبالغة، والمقصود معارضة مواعيد الشيطان الكاذبة لقرنائه التي غرتهم حتى استحقوا الوعيد بوعد الله تعالى الصادق لأوليائه الذي أوصلهم إلى السعادة العظمى، ولذا بالغ سبحانه فيه وأكده؛ حثا على تحصيله وترغيبا فيه.
وزعم بعضهم أن الواو عاطفة، والجملة معطوفة على محذوف أي: صدق الله ومن أصدق من الله قيلا أي: صدق ولا أصدق منه، ولا يخفى أنه تكلف مستغنى عنه، وكأن الداعي إليه الغفلة عن حكم الواو الداخلة على الجملة التذيلية، وتجويز أن تكون الجملة مقولا لقول محذوف أي: وقائلين: من أصدق من الله قيلا، فيكون عطفا على (خالدين) أدهى وأمر.
وقرأ الكوفي غير عاصم، بإشمام الصاد الزاي. وورش