الألمعي الذي يظن بك الظن كأن قد رأى وقد سمعا
والمعنى مرددين بينهما متحيرين، قد ذبذبهم الشيطان، وأصل الذبذبة - كما قال -: صوت الحركة للشيء المعلق، ثم استعير لكل اضطراب وحركة أو تردد بين شيئين، والذال الثانية أصلية عند البصريين، ومبدلة من باء عند الكوفيين، وهو خلاف معروف بينهم. الراغبوقرأ رضي الله تعالى عنهما (مذبذبين) بكسر الذال الثانية، ومفعوله - على هذا – محذوف، أي: مذبذبين قلوبهم أو دينهم أو رأيهم، ويحتمل أن يجعل لازما، [ ص: 177 ] على أن فعلل بمعنى تفعلل، كما جاء (صلصل) بمعنى (تصلصل) أي: متذبذبين، ويؤيده ما في مصحف ابن عباس، (متذبذبين). ابن مسعود
وقرئ بالدال غير المعجمة، وهو مأخوذ من (الدبة) بضم الدال وتشديد الباء بمعنى الطريقة والمذهب، كما في النهاية، ويقال: هو على دبتي أي: طريقتي وسمتي، وفي حديث «اتبعوا دبة ابن عباس: قريش، ولا تفارقوا الجماعة» والمعنى - حينئذ - أنهم أخذ بهم تارة طريقا، وأخرى، أخرى.
لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء أي: لا منسوبين إلى المؤمنين حقيقة لإضمارهم الكفر ولا إلى الكافرين لإظهارهم الإيمان، أو لا صائرين إلى الأولين ولا إلى الآخرين، ومحله النصب على أنه حال من ضمير (مذبذبين) أو على أنه بدل منه، ويحتمل أن يكون بيانا وتفسيرا له.
ومن يضلل الله لعدم استعداده للهداية والتوفيق فلن تجد له سبيلا موصلا إلى الحق والصواب، فضلا عن أن تهديه إليه، والخطاب لكل من يصلح له، وهو أبلغ في التفظيع.