فأما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فيوفيهم أجورهم إلخ، تفصيلا للجزاء، كأنه قيل: ومن يستنكف عن عبادته فسيعذب بالحسرة إذا رأى أجور العاملين وبما يصيبه من عذاب الله تعالى، فالضمير راجع إلى المستنكفين المستكبرين لا غير وقد روعي لفظ ( من ) ومعناها.
وتعقب العلامة التفتازاني ذلك بأنه غير مستقيم؛ لأن دخول ( أما ) على الفريقين لا على قسمي الجزاء، وأورد هذا الفريق بعنوان الإيمان والعمل الصالح لا بوصف عدم الاستنكاف المناسب لما قبله وما بعده للتنبيه على أنه المستتبع لما يعقبه من الثمرات، ومعنى توفيتهم أجورهم إيتاؤهم إياها من غير أن ينقص منها شيئا أصلا، وقرئ: ( فسيحشرهم ) بكسر الشين وهي لغة، وقرئ: ( فسنحشرهم ) بنون العظمة، وفيه التفات.
ويزيدهم من فضله بتضعيف أجورهم أضعافا مضاعفة، وبإعطائهم ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر.
وأخرج ، ابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، والطبراني ، وابن مردويه في الحلية، وأبو نعيم والإسماعيلي في معجمه بسند ضعيف، عن - رضي الله تعالى عنه - أن رسول الله - صلى الله تعالى عليه وسلم - قال: « ابن مسعود يوفيهم أجورهم يدخلهم الجنة، ويزيدهم من فضله: الشفاعة فيمن وجبت لهم النار ممن صنع إليهم المعروف في الدنيا ».
وأما الذين استنكفوا عن عبادة الله تعالى واستكبروا عنها فيعذبهم بسبب ذلك عذابا أليما لا يحيط به الوصف ولا يجدون لهم من دون الله وليا يلي أمورهم، ويدبر مصالحهم ولا نصيرا ينصرهم من بأسه تعالى، وينجيهم من عذابه سبحانه.