وعلى الثاني كيف؟ لأنها موضوعة للسؤال عن الحال، (وما) وإن سئل بها عن الوصف لكنه على سبيل الندور، وهو إما مجاز أو اشتراك كما صرح به في المفتاح، والغالب السؤال بها عن الجنس، فإن أجريت هنا على الاستعمال الغالب نزل مجهول الصفة لكونه على صفة لم يوجد عليها جنسه، وهو إحياء الميت بضرب بعضه منزلة مجهول الحقيقة، فيكون سؤالا عن الجنس تنزيلا، وعن الصفة حقيقة، وإن أجريت على النادر لم يحتج إلى التنزيل المذكور، والقول إنه يمكن أن يجعل (ما هي) على حذف مضاف، أي ما حالها، فيكون سؤالا عن نوع حال تفرع عليه هذه الخاصية على بعده خال عن اللطافة اللائقة بشأن الكتاب العزيز، (وما) استفهامية خبر مقدم (لهي)، والجملة في موضع نصب (بيبين) لأنه معلق عنها، وجاز فيه ذلك لشبهه بأفعال القلوب، والمعنى: يبين لنا جواب هذا السؤال، قال إنه يقول إنها بقرة لا فارض ولا بكر الفارض اسم للمسنة التي انقطعت ولادتها من الكبر، والفعل فرضت بفتح الراء وضمها، ويقال لكل ما قدم [ ص: 287 ] وطال أمره: فارض، ومنه قوله :
يا رب ذي ضغن علي فارض له قروء كقروء الحائض
وكأن المسنة سميت فارضا لأنها فرضت سنها أي قطعتها، وبلغت آخرها، والبكر اسم للصغيرة، وزاد بعضهم التي لم تلد من الصغر، وقال : هي التي ولدت ولدا واحدا، والبكر من النساء التي لم يمسها الرجال، وقيل : هي التي لم تحمل، والبكر من الأولاد الأول، ومن الحاجات الأولى، والبكر بفتح الباء الفتي من الإبل، والأنثى بكرة، وأصله من التقدم في الزمان، ومنه البكرة والباكورة، والاسمان صفة (بقرة)، ولم يؤت بالتاء لأنهما اسمان لما ذكر، واعترضت (لا) بين الصفة والموصوف، وكررت لوجوب تكريرها مع الخبر، والنعت، والحال، إلا في الضرورة خلافا للمبرد، وابن كيسان كقوله : ابن قتيبةقهرت العدا لا مستعينا بعصبة ولكن بأنواع الخدائع والمكر
عوان بين ذلك أي متوسطة السن، وقيل : هي التي ولدت بطنا أو بطنين، وقيل : مرة بعد مرة، ويجمع على فعل كقوله :
طوال مثل أعناق الهوادي نواعم بين أبكار وعون
فما كان بين الخير لو جاء سالما أبو حجر إلا ليال قلائل