ومن الأنعام حمولة وفرشا شروع في تفصيل حال الأنعام وإبطال ما تقولوا على الله تعالى في شأنها بالتحريم والتحليل وهو عطف على جنات والجهة الجامعة إباحة الانتفاع بهما والجار والمجرور متعلق بإنشاء والحمولة ما يحمل عليه لا واحد له كالركوبة .
والمراد به ما يحمل الأثقال من الأنعام وبالفرش ما يفرش للذبح أو ما يفرش المنسوج من صوفه وشعره ووبره وإلى الأول ذهب أبو مسلم وروي عن وإلى الثاني ذهب الربيع بن أنس وقيل : الحمولة للكبار الصالحة للحمل والفرش الصغار الدانية من الأرض مثل الفرش المفروش عليها وروي ذلك عن الجبائي لكنه رضي الله تعالى عنه خص ذلك بكبار الإبل وصغارها وهو إحدى روايات عن ابن مسعود رضي الله تعالى عنهما وفي رواية أخرى الحمولة الإبل والخيل والبغال والحمير وكل شيء يحمل عليه والفرش الغنم ابن عباس كلوا مما رزقكم الله أي كلوا بعض ما رزقكم الله تعالى وهو الحلال فمن تبعيضية .
والرزق شامل للحلال والحرام والمعتزلة خصوه بالحلال كما تقدم أوائل الكتاب وادعوا أن هذه الآية أحد أدلتهم على ذلك وركبوا شكلا منطقيا أجزاؤه سهلة الحصول تقديره الحرام ليس بمأكول شرعا وهو طاهر والرزق ما يؤكل شرعا لقوله تعالى : كلوا مما رزقكم الله فالحرام ليس برزق .
وأنت تعلم أن هذا إنما يفيد لو صدق كل رزق مأكول شرعا والآية لا تدل عليه أما إذا كانت تبعيضية فظاهر وأما إن كانت ابتدائية فلأنه ليس فيها ما يدل على تناول الجميع وقيل معنى الآية استحلوا الأكل مما أعطاكم الله تعالى ولا تتبعوا في أمر التحليل والتحريم بتقليد أسلافكم المجازفين في ذلك من تلقاء أنفسهم المفترين على الله سبحانه : خطوات الشيطان أي طرقه فإن ذلك منهم بإغوائه واستتباعه إياهم إنه لكم عدو مبين (142) أي ظاهر العداوة فقد أخرج آدم عليه السلام من الجنة وقال : لأحتنكن ذريته إلا قليلا أعاذنا الله تعالى والمسلمين من شره إنه الرحمن الرحيم .