فأما من أوتي كتابه بيمينه لأن إعطاء الكتاب باليمين دليل على النجاة . فيقول هاؤم اقرءوا كتابيه ثقة بسلامته وسرورا بنجاته ، لأن اليمين عند العرب من دلائل الفرج ، والشمال من دلائل الغم ، قال الشاعر
أبيني أفي يمنى يديك جعلتني فأفرح أم صيرتني من شمالك
وفي قوله ( هاؤم ) ثلاثة أوجه :
أحدها : بمعنى هاكم اقرؤوا كتابيه فأبدلت الهمزة من الكاف ، قاله . ابن قتيبة
الثاني : أنه بمعنى هلموا اقرؤوا كتابيه ، قال : الكسائي العرب تقول للواحد هاء وللاثنين هاؤما وللثلاثة هاؤم .
الثالث : أنها كلمة وضعت لإجابة الداعي عند النشاط والفرح روي أن أعرابيا نادى رسول الله صلى الله عليه وسلم بصوت عال فأجابه هاؤم بطول صوته . والهاء من ( كتابيه ) ونظائرها موضوعة للمبالغة ، وذكر أنها نزلت في الضحاك . أبي سلمة بن عبد الأسد إني ظننت أني ملاق حسابيه فيه وجهان :
أحدهما : أي علمت ، قال : كل ظن في القرآن من المؤمن فهو يقين ، ومن الكافر فهو شك ، وقال الضحاك : ظن الآخرة يقين ، وظن الدنيا شك . مجاهد
الثاني : ما قاله في هذه الآية ، أن المؤمن أحسن بربه الظن ، فأحسن العمل ، وأن المنافق أساء بربه الظن فأساء العمل . وفي الحساب ها هنا وجهان : الحسن
أحدهما : في البعث .
الثاني : في الجزاء . فهو في عيشة راضية بمعنى مرضية ، قال أبو هريرة [ ص: 84 ] يرفعانه : إنهم يعيشون فلا يموتون أبدا ، ويصحون فلا يمرضون أبدا ، ويتنعمون فلا يرون بؤسا أبدا ، ويشبون فلا يهرمون أبدا . وأبو سعيد الخدري في جنة عالية يحتمل وجهين :
أحدهما : رفيعة المكان .
الثاني : عظيمة في النفوس . قطوفها دانية يحتمل وجهين :
أحدهما : دانية من الأيدي يتناولها القائم والقاعد .
الثاني : دانية الإدراك لا يتأخر حملها ولا نضجها .