سورة العلق
بسم الله الرحمن الرحيم
اقرأ باسم ربك الذي خلق خلق الإنسان من علق اقرأ وربك الأكرم الذي علم بالقلم علم الإنسان ما لم يعلم
قوله : اقرأ باسم ربك الذي خلق روي عن قال : عبيد بن عمير جاء جبريل إلى النبي صلى الله عليه وسلم أول ما أتاه بنمط فغطه فقال : اقرأ ، فقال : والله ما أنا بقارئ ، فغطه ثم قال : اقرأ ، فقال : والله ما أنا بقارئ فغطه غطا شديدا ثم قال : اقرأ باسم ربك الذي خلق أي استفتح قراءتك باسم ربك الذي خلق وإنما قال الذي خلق لأن قريشا كانت تعبد آلهة ليس فيهم خالق غيره تعالى ، فميز نفسه بذلك ليزول عنه الالتباس . روت رضي الله عنها أنها أول سورة نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم بعدها عائشة ن والقلم ثم بعدها يا أيها المدثر ثم بعدها والضحى . خلق الإنسان من علق يريد بالإنسان جنس الناس كلهم ، خلقوا من علق بعد النطفة ، والعلق جمع علقة ، والعلقة قطعة من دم رطب سميت بذلك لأنها تعلق [ ص: 305 ]
لرطوبتها بما تمر عليه ، فإذا جفت لم تكن علقة ، قال الشاعر
تركناه يخر على يديه يمج عليهما علق الوتين
ويحتمل مراده بذلك وجهين :
أحدهما : أن يبين قدر نعمته على الإنسان بأن خلقه من علقة مهيئة حتى صار بشرا سويا وعاقلا متميزا .
الثاني : أنه كما نقل الإنسان من حال إلى حال حتى استكمل ، كذلك نقلك من الجهالة إلى النبوة حتى تستكمل محلها . اقرأ وربك الأكرم أي الكريم . ويحتمل ثانيا : اقرأ بأن ربك هو الأكرم ، لأنه لما ذكر ما تقدم من نعمه دل بها على نعمة كرمه . قال إبراهيم بن عيسى اليشكري : من كرمه أن يرزق عبده وهو يعبد غيره . الذي علم بالقلم أي علم الكاتب أن يكتب بالقلم ، وسمي قلما لأنه يقلم أي يقطع ، ومنه تقليم الظفر . وروى عن مجاهد قال : خلق الله تعالى أربعة أشياء بيده ثم قال لسائر الخلق : كن ، فكان ، القلم والعرش وجنة عدن ابن عمر وآدم . وفيمن علمه بالقلم ثلاثة أقاويل : أحدها : أنه أراد آدم عليه السلام ، لأنه أول من كتب ، قاله كعب الأحبار .
الثاني : إدريس وهو ، قاله أول من كتب . الضحاك
الثالث : أنه أراد كل من كتب بالقلم لأنه ما علم إلا بتعليم الله له ، وجمع بذلك بين نعمته تعالى عليه في خلقه وبين نعمته تعالى عليه في تعليمه استكمالا للنعمة عليه . علم الإنسان ما لم يعلم فيه وجهان :
أحدهما : الخط بالقلم ، قاله قتادة . وابن زيد
الثاني : علمه كل صنعه علمها فتعلم ، قاله ابن شجرة . ويحتمل ثالثا : علمه من حاله في ابتداء خلقه ما يستدل به على خلقه وأن ينقله من بعد على إرادته .
[ ص: 306 ]