قوله تعالى : ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين .
أخرج من طريق ابن أبي حاتم عن السدي أبي مالك وأبي صالح عن وعن ابن عباس مرة عن وناس من الصحابة في قوله : ( ابن مسعود ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين ) قالوا : ود المشركون يوم بدر حين [ ص: 585 ]
ضربت أعناقهم فعرضوا على النار أنهم كانوا مؤمنين بمحمد صلى الله عليه وسلم .
وأخرج ، ابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم في «البعث» عن والبيهقي في قوله : ( ابن عباس ربما يود الذين كفروا ) قال : ذلك يوم القيامة يتمنى الذين كفروا ( لو كانوا مسلمين ) قال : موحدين .
وأخرج ، عن ابن جرير في قوله : ( ابن مسعود ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين ) قال : هذا في الجهنميين ، إذا رأوهم يخرجون من النار .
وأخرج سعيد بن منصور في «الزهد» ، وهناد بن السري ، وابن جرير وابن المنذر وصححه والحاكم في «البعث والنشور» عن والبيهقي قال : ما يزال الله يشفع ويدخل الجنة ويشفع ويرحم حتى يقول : من كان مسلما فليدخل الجنة ، فذلك قوله : ( ابن عباس ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين ) .
وأخرج في «الزهد» ، ابن المبارك ، وابن أبي شيبة ، وابن جرير وابن المنذر في «البعث» عن والبيهقي ابن عباس أنهما تذاكرا هذه الآية ( وأنس ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين ) فقالا : هذا حيث يجمع الله بين أهل الخطايا من المسلمين والمشركين في النار فيقول المشركون : ما أغنى عنكم ما كنتم تعبدون ، فيغضب الله لهم فيخرجهم بفضل رحمته .
[ ص: 586 ]
وأخرج سعيد بن منصور وهناد عن والبيهقي في قوله : ( مجاهد ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين ) قال : إذا خرج من النار من قال : لا إله إلا الله .
وأخرج في «الأوسط» ، الطبراني بسند صحيح ، عن وابن مردويه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : جابر بن عبد الله ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين ) . إن ناسا من أمتي يعذبون بذنوبهم فيكونون في النار ما شاء الله أن يكونوا ثم يعيرهم أهل الشرك فيقولون : ما نرى ما كنتم فيه من تصديقكم نفعكم ، فلا يبقى موحد إلا أخرجه الله تعالى من النار ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم (
وأخرج ابن أبي عاصم في «السنة» ، ، وابن جرير ، وابن أبي حاتم والطبراني وصححه ، والحاكم وابن مردويه في «البعث والنشور» عن والبيهقي قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أبي موسى الأشعري
ليتنا كنا مسلمين فنخرج كما خرجوا ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم ( الر تلك آيات الكتاب وقرآن مبين ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين ) . إذا اجتمع أهل النار في النار ومعهم من شاء الله من أهل القبلة قال الكفار للمسلمين : ألم تكونوا مسلمين قالوا : بلى ، قالوا : فما أغنى عنكم الإسلام وقد صرتم معنا في النار قالوا : كانت لنا ذنوب فأخذنا بها ، فسمع الله ما قالوا فأمر بكل من كان في النار من أهل القبلة فأخرجوا فلما رأى ذلك من بقي من الكفار قالوا : يا [ ص: 587 ]
وأخرج ، إسحاق بن راهويه وابن حبان ، والطبراني ، وابن مردويه أنه سئل : هل سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذه الآية شيئا ( أبي سعيد الخدري ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين ) قال : نعم سمعته يقول : يخرج الله أناسا من المؤمنين من النار بعدما يأخذ نقمته منهم لما أدخلهم الله النار مع المشركين قال لهم المشركون : ألستم كنتم تزعمون أنكم أولياء الله في الدنيا فما بالكم معنا في النار فإذا سمع الله ذلك منهم أذن في الشفاعة لهم فيشفع الملائكة والنبيون والمؤمنون حتى يخرجوا بإذن الله فإذا رأى المشركون ذلك قالوا : يا ليتنا كنا مثلهم فتدركنا الشفاعة فنخرج معهم ، فذلك قول الله : ( ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين ) قال : فيسمون في الجنة الجهنميين من أجل سواد في وجوههم فيقولون : يا ربنا أذهب عنا هذا الاسم فيأمرهم فيغتسلون في نهر الجنة فيذهب ذلك الاسم عنهم . عن
وأخرج هناد بن السري في «الأوسط» والطبراني عن وأبو نعيم قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أنس
بذنوبهم فيقول لهم أهل اللات والعزى : ما أغنى عنكم قول لا إله إلا الله وأنتم معنا في النار فيغضب الله لهم فيخرجهم فيلقيهم في نهر الحياة فيبرؤون من حرقهم كما يبرأ القمر من خسوفه فيدخلون الجنة ويسمون فيها الجهنميين . إن ناسا من أهل لا إله إلا الله يدخلون النار [ ص: 588 ]
وأخرج ، ابن مردويه عن قال : أول من يأذن الله عز وجل له يوم القيامة في الكلام والشفاعة أنس بن مالك محمد صلى الله عليه وسلم فيقال له : قل تسمع وسل تعط ، قال : فيخر ساجدا فيثني على الله ثناء لم يثنه عليه أحد فيقال : ارفع رأسك ، فيرفع رأسه فيقول : أي رب أمتي ، أمتي ، فيخرج له ثلث من في النار من أمته ثم يقال : قل تسمع وسل تعط ، فيخر ساجدا فيثني على الله ثناء لم يثنه أحد ، فيقال : ارفع رأسك ، فيرفع رأسه ويقول : أي رب أمتي ، أمتي ، فيخرج له ثلث آخر من أمته ثم يقال له : قل تسمع وسل تعط ، فيخر ساجدا فيثني على الله ثناء لم يثنه أحد ، فيقال : ارفع رأسك ، فيرفع رأسه ويقول : رب أمتي ، أمتي ، فيخرج له الثلث الباقي ، فقيل للحسن : إن أبا حمزة يحدث بكذا وكذا ، فقال : يرحم الله أبا حمزة نسي الرابعة ، قيل وما الرابعة قال : من ليست له حسنة إلا لا إله إلا الله ، فيقول : رب أمتي ، أمتي ، فيقال له : يا محمد هؤلاء ينجيهم الله برحمته حتى [ ص: 589 ]
لا يبقى أحد ممن قال لا إله إلا الله فعند ذلك يقول أهل جهنم ( فما لنا من شافعين ولا صديق حميم فلو أن لنا كرة فنكون من المؤمنين ) وقوله : ( ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين ) .
وأخرج ، عن ابن مردويه قال : يقوم نبيكم رابع أربعة فيشفع فلا يبقى في النار إلا ما شاء الله من المشركين فذلك قوله : ( ابن مسعود ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين ) .
وأخرج ، ابن أبي حاتم في «السنة» عن وابن شاهين قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : علي بن أبي طالب إن أصحاب الكبائر من موحدي الأمم كلها الذين من دخل منهم جهنم لا تزرق أعينهم ولا تسود وجوههم ولا يقرنون بالشياطين ولا يغلون بالسلاسل ولا يجرعون الحميم ولا يلبسون القطران حرم الله أجسادهم على الخلود من أجل التوحيد وصورهم على النار من أجل السجود فمنهم من تأخذه النار إلى قدميه ومنهم من تأخذه النار إلى عقبيه ومنهم من تأخذه النار إلى فخذيه ومنهم من تأخذه النار إلى حجزته ومنهم من تأخذه النار إلى عنقه على قدر ذنوبهم وأعمالهم ومنهم من يمكث فيها شهرا ثم يخرج منها ومنهم من يمكث فيها سنة ثم يخرج منها وأطولهم فيها مكثا بقدر الدنيا منذ يوم خلقت إلى أن تفنى فإذا أراد الله أن يخرجهم منها قالت اليهود والنصارى ومن في النار من أهل الأديان والأوثان لمن في النار من أهل التوحيد : آمنتم بالله وكتبه [ ص: 590 ] ماتوا على كبائرهم غير نادمين ولا تائبين
ورسله فنحن وأنتم اليوم في النار سواء ، فيغضب الله لهم غضبا لم يغضبه لشيء فيما مضى فيخرجهم إلى عين بين الجنة والصراط فينبتون فيها نبات الطراثيث في حميل السيل ثم يدخلون الجنة ، مكتوب في جباههم : هؤلاء الجهنميون عتقاء الرحمن ، فيمكثون في الجنة ما شاء الله أن يمكثوا ثم يسألون الله أن يمحو ذلك الاسم عنهم فيبعث الله ملكا فيمحوه ثم يبعث الله ملائكة معهم مسامير من نار فيطبقونها على من بقي فيها يسمرونها بتلك المسامير فينساهم الله على عرشه ويشتغل عنهم أهل الجنة بنعيمهم ولذاتهم ، وذلك قوله : ( ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين ) .
وأخرج ، ابن أبي حاتم ، والطبراني ، وابن مردويه زكريا بن يحيى صاحب القصب قال : سألت أبا غالب عن هذه الآية ( ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين ) فقال : حدثني عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : إنها نزلت في أبو أمامة الخوارج حين رأوا تجاوز الله عن المسلمين وعن هذه الأمة والجماعة قالوا : يا ليتنا كنا مسلمين . عن
وأخرج في «الكنى» عن الحاكم قال : سألت حماد عن هذه الآية ( إبراهيم ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين ) قال : حدثت أن أهل الشرك [ ص: 591 ]
قالوا لمن دخل النار من أهل الإسلام : ما أغنى عنكم ما كنتم تعبدون ، فيغضب الله لهم فيقول للملائكة والنبيين : اشفعوا لهم ، فيشفعون لهم فيخرجون حتى إن إبليس ليتطاول رجاء أن يدخل معهم فعند ذلك ( يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين ) .