[ ص: 819 ] قال الحافظ ابن حجر في أول كتابه أسباب النزول وسماه العجاب في بيان الأسباب : الذين اعتنوا بجمع التفسير المسند من طبقة الأئمة الستة ويليه أبو جعفر محمد بن جرير الطبري أبو بكر محمد بن إبراهيم بن المنذر النيسابوري وأبو محمد عبد الرحمن بن أبي حاتم بن إدريس الرازي ومن طبقة شيوخهم عبد بن حميد بن نصر الكشي فهذه التفاسير الأربعة قل أن يشذ عنها شيء من التفسير المرفوع والموقوف على الصحابة والمقطوع عن التابعين وقد أضاف الطبري إلى النقل المستوعب أشياء لم يشاركوه فيها كاستيعاب
القراءات والإعراب والكلام في أكثر الآيات على المعاني والتصدي لترجيح بعض الأقوال على بعض وكل من صنف بعده لم يجتمع له ما اجتمع فيه لأنه في هذه الأمور في مرتبة متقاربة وغيره يغلب عليه فن من الفنون فيمتاز فيه ويقصر في غيره . والذين اشتهر عنهم القول في ذلك من التابعين أصحاب وفيهم ثقات وضعفاء، فمن الثقات ابن عباس ويروي التفسير عنه من طريق مجاهد بن جبر عن ابن أبي نجيح والطريق إلى مجاهد قوية ومنهم ابن أبي نجيح ويروي التفسير عنه من طريق عكرمة الحسين بن واقد عن يزيد النحوي عنه ومن طريق عن محمد بن إسحاق محمد بن أبي محمد مولى زيد بن ثابت عن أو عكرمة هكذا بالشك ولا يضر لكونه يدور على ثقة [ ص: 820 ] ومن طريق سعيد بن جبير معاوية بن صالح عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس صدوق ولم يلق وعلي لكنه إنما حمل عن ثقات أصحابه فلذلك كان ابن عباس البخاري وأبو حاتم وغيرهما يعتمدون على هذه النسخة ومن طريق عن ابن جريج عن عطاء بن أبي رباح لكن فيما يتعلق بالبقرة وآل عمران وما عدا ذلك يكون ابن عباس وهو لم يسمع من عطاء هو الخراساني فيكون منقطعا إلا إن صرح ابن عباس بأنه ابن جريج ، ومن روايات الضعفاء عن عطاء بن أبي رباح التفسير المنسوب ابن عباس لأبي النضر محمد ابن السائب الكلبي فإنه يرويه عن عن أبي صالح وهو مولى أم هانئ ابن عباس والكلبي اتهموه بالكذب وقد مرض فقال لأصحابه في مرضه : كل شيء حدثتكم عن كذب ومع ضعف أبي صالح قد روى عنه تفسيره مثله أو أشد ضعفا وهو الكلبي محمد بن مروان السدي الصغير ورواه عن محمد بن مروان مثله أو أشد ضعفا وهو صالح بن محمد الترمذي وممن روى التفسير عن من الثقات الكلبي سفيان الثوري ومن الضعفاء من قبل الحفظ ومحمد بن فضيل بن غزوان، حبان بكسر المهملة وتثقيل الموحدة وهو ابن علي العنزي بفتح المهملة والنون بعدها زاي منقوطة ومنهم جويبر بن سعيد وهو واه روى التفسير عن وهو صدوق عن الضحاك بن مزاحم ولم يسمع منه شيئا، وممن روى التفسير عن ابن عباس الضحاك : علي بن الحكم وهو ثقة وعبيد بن سليمان وهو صدوق وأبو روق عطية بن الحارث وهو لا بأس به .
[ ص: 821 ] ومنهم عثمان بن عطاء الخراساني يروي التفسير عن أبيه عن ولم يسمع أبوه من ابن عباس، ومنهم ابن عباس، إسماعيل بن عبد الرحمن السدي بضم المهملة وتشديد الدال وهو كوفي صدوق لكنه جمع التفسير من طرق منها عن ، عن أبي صالح وعن ابن عباس مرة بن شراحيل، عن وعن ناس من الصحابة وغيرهم وخلط روايات الجميع فلم تتميز روايات الثقة من الضعيف، ولم يلق ابن مسعود من الصحابة إلا السدي وربما التبس أنس بن مالك بالسدي الصغير الذي تقدم ذكره . ومنهم إبراهيم بن الحكم بن أبان العدني وهو ضعيف يروي التفسير عن أبيه عن وإنما ضعفوه لأنه وصل كثيرا من الأحاديث بذكر عكرمة وقد روى عنه تفسيره ابن عباس ومنهم عبد بن حميد . إسماعيل بن أبي زياد الشامي وهو ضعيف جمع تفسيرا كبيرا فيه الصحيح والسقيم وهو في عصر أتباع التابعين . ومنهم عطاء بن دينار وفيه لين روى عن عن سعيد بن جبير تفسيرا رواه عنه ابن عباس وهو ضعيف . ومن تفاسير التابعين ما يروى عن ابن لهيعة وهو من طرق منها رواية [ ص: 822 ] قتادة عن عبد الرزاق عنه ورواية معمر وغيره عن آدم بن أبي إياس شيبان عنه ورواية يزيد بن زريع عن سعيد بن أبي عروبة عنه . ومن تفاسيرهم تفسير عن الربيع بن أنس واسمه أبي العالية رفيع بالتصغير الرياحي بالمثناة التحتية والحاء المهملة وبعضه لا يسمي فوقه أحد وهو يروى من طرق منها رواية الربيع عبد الله بن أبي جعفر الرازي عن أبيه عنه . ومنها تفاسير من طريق مقاتل بن حيان محمد بن مزاحم بن بكير بن معروف عنه هذا صدوق وهو غير ومقاتل الآتي ذكره . ومن تفاسير ضعفاء التابعين فمن بعدهم تفسير مقاتل بن سليمان من رواية ابنه زيد بن أسلم عبد الرحمن عنه وهي نسخة كبيرة يرويها ابن وهب وغيره عن عبد الرحمن عن أبيه وعن غير أبيه وفيه أشياء كثيرة لا يسندها لأحد وعبد الرحمن من الضعفاء وأبوه من الثقات . ومنها تفسير وقد نسبوه إلى الكذب، وقال مقاتل بن سليمان الشافعي : قاتله الله تعالى، وإنما قال مقاتل فيه ذلك لأنه اشتهر عنه القول [ ص: 823 ] بالتجسيم وروى تفسير الشافعي هذا عنه مقاتل أبو عصمة نوح بن أبي مريم الجامع وقد نسبوه إلى الكذب ورواه أيضا عن مقاتل الحكم بن هذيل وهو ضعيف لكنه أصلح حالا من أبي عصمة . ومنها تفسير وهو كبير في نحو ستة أسفار أكثر فيه النقل عن التابعين وغيرهم وهو لين الحديث وفيما يرويه مناكير كثيرة وشيوخه مثل يحيى بن سلام المغربي
سعيد بن أبي عروبة ومالك والثوري ويقرب منه تفسير سنيد بمهملة ونون مصغر واسمه الحسين بن داود وهو من طبقة شيوخ الأئمة الستة يروي عن حجاج بن محمد المصيصي كثيرا وعن أنظاره وفيه لين وتفسيره نحو تفسير وقد أكثر يحيى بن سلام التخريج منه . ومن التفاسير الواهية لوهاء رواتها التفسير الذي جمعه ابن جريج موسى بن عبد الرحمن الثقفي الصنعاني وهو قدر مجلدين يسنده إلى عن ابن جريج عن عطاء وقد نسب ابن عباس، ابن حبان موسى هذا إلى وضع الحديث ورواه عن موسى عبد الغني بن سعيد الثقفي وهو ضعيف . وقد يوجد كثير من أسباب النزول في كتب المغازي فما كان منها من رواية معتمر بن سليمان عن أبيه أو من رواية إسماعيل بن إبراهيم بن عقبة عن عمه فهو أصلح مما فيها من كتاب موسى بن عقبة وما كان من رواية محمد بن إسحاق أمثل مما فيها من رواية ابن إسحاق انتهى . [ ص: 824 ] قال مؤلفه وتقبل الله منه صنيعه : فرغت من تبييضه يوم عيد الفطر سنة ثمان وتسعين وثمانمائة والحمد لله وحده وصلى الله على سيدنا الواقدي محمد وآله وصحبه وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين وحسبنا الله ونعم الوكيل ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .