قوله تعالى : ويسألونك ماذا ينفقون قل العفو .
أخرج ، ابن إسحاق ، عن وابن أبي حاتم ، ابن عباس أن نفرا من الصحابة حين أمروا بالنفقة في سبيل الله أتوا النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا : إنا لا ندري ما هذه النفقة التي أمرنا بها في أموالنا، فما ننفق منها؟ فأنزل الله : ويسألونك ماذا ينفقون [ ص: 548 ] قل العفو . وكان قبل ذلك ينفق ماله حتى ما يجد ما يتصدق به، ولا ما لا يأكل حتى يتصدق عليه .
وأخرج ، من طريق ابن أبي حاتم أبان، عن يحيى، أنه بلغه أن معاذ بن جبل وثعلبة أتيا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالا : ويسألونك ماذا ينفقون قل العفو . يا رسول الله، إن لنا أرقاء وأهلين، فما ننفق من أموالنا؟ فأنزل الله :
وأخرج ، ابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم في "ناسخه"، عن والنحاس في قوله : ابن عباس ويسألونك ماذا ينفقون قل العفو . قال : هو ما لا يتبين في أموالكم، وكان هذا قبل أن تفرض الصدقة .
وأخرج ، وكيع ، وسعيد بن منصور ، وعبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم في "ناسخه"، والنحاس ، والطبراني في "شعب الإيمان"، عن والبيهقي في قوله : ابن عباس ويسألونك ماذا ينفقون قل العفو . قال : ما يفضل عن أهلك . وفي لفظ : قال : الفضل عن العيال .
وأخرج ، عن ابن المنذر عطاء بن دينار الهذلي ، أن كتب [ ص: 549 ] إلى عبد الملك بن مروان يسأله عن العفو ، فقال : العفو على ثلاثة أنحاء؛ نحو تجاوز عن الذنب، ونحو في القصد في النفقة : سعيد بن جبير ويسألونك ماذا ينفقون قل العفو . ونحو في الإحسان فيما بين الناس : إلا أن يعفون أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح .
وأخرج ، عن عبد بن حميد في قوله : الحسن قل العفو . قال : ذلك ألا تجهد مالك، ثم تقعد تسأل الناس .
وأخرج ، عن عبد بن حميد في قوله : عطاء قل العفو . قال : الفضل .
وأخرج ، من طريق عبد بن حميد ، عن ابن أبي نجيح، قال : العفو اليسر من كل شيء . قال : وكان مجاهد يقول : العفو الصدقة المفروضة . طاوس
وأخرج ، عن ابن جرير في قوله : ابن عباس قل العفو . قال : لم تفرض فيه فريضة معلومة، ثم قال : خذ العفو وأمر بالعرف . ثم نزلت الفرائض بعد ذلك مسماة .
وأخرج ، عن ابن جرير في قوله : السدي قل العفو . قال : هذا نسخته الزكاة .
وأخرج البخاري، ، عن والنسائي قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : " أبي هريرة أفضل [ ص: 550 ] الصدقة ما ترك غنى، واليد العليا خير من اليد السفلى، وابدأ بمن تعول" . تقول المرأة : إما أن تطعمني وإما أن تطلقني، ويقول العبد : أطعمني واستعملني، ويقول الابن : أطعمني، إلى من تدعني .
وأخرج عن ابن خزيمة، ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " أبي هريرة خير الصدقة ما أبقت غنى، واليد العليا خير من اليد السفلى، وابدأ بمن تعول" . تقول امرأتك : أنفق علي أو طلقني . ويقول مملوكك : أنفق علي أو بعني ، ويقول ولدك : إلى من تكلنا .
وأخرج البخاري، ، ومسلم ، وأبو داود ، عن والنسائي ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " أبي هريرة وابدأ بمن تعول" . خير الصدقة ما كان عن ظهر غنى،
وأخرج أبو داود، ، والنسائي ، وابن جرير ، وابن حبان وصححه، عن والحاكم قال : أبي هريرة أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالصدقة، فقال رجل : يا رسول الله، عندي دينار ، قال : " تصدق به على نفسك" . قال : عندي آخر . قال : تصدق به على ولدك" . قال : عندي آخر . قال : " تصدق به على زوجتك" . قال : عندي آخر . قال : تصدق به على خادمك" . قال : عندي [ ص: 551 ] آخر . قال : " أنت أبصر" .
وأخرج ابن سعد، ، وأبو داود وصححه ، عن والحاكم قال : جابر بن عبد الله : قدم ابن سعد أبو حصين السلمي- بمثل بيضة الحمامة من ذهب، فقال : يا رسول الله، أصبت هذه من معدن فخذها فهي صدقة، ما أملك غيرها، فأعرض عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم أتاه من قبل ركنه الأيمن فقال مثل ذلك، فأعرض عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم أتاه من قبل ركنه الأيسر، فأعرض عنه، ثم أتاه من خلفه، فأخذها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فحذفه بها، فلو أصابته لأوجعته أو لعقرته ، فقال : " يأتي أحدكم بما يملك، فيقول : هذه صدقة، ثم يقعد يستكف الناس، خير الصدقة ما كان عن ظهر غنى، وابدأ بمن تعول" . كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ جاءه رجل - وفي لفظ
وأخرج البخاري، ، عن ومسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " حكيم بن حزام، اليد العليا خير من اليد السفلى، وابدأ بمن تعول، وخير الصدقة ما كان عن ظهر غنى، ومن يستعف يعفه الله، ومن يستغن يغنه الله" .
وأخرج مسلم، ، عن والنسائي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لرجل : " جابر، ابدأ بنفسك فتصدق عليها، فإن فضل شيء فلأهلك، فإن فضل شيء عن أهلك [ ص: 552 ] فلذي قرابتك فإن فضل عن ذي قرابتك شيء فهكذا وهكذا" .
وأخرج ، أبو يعلى وصححه، عن والحاكم قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " عبد الله بن مسعود الأيدي ثلاثة ؛ فيد الله العليا، ويد المعطي التي تليها، ويد السائل السفلى إلى يوم القيامة، فاستعفف عن السؤال، وعن المسألة ما استطعت، فإن أعطيت خيرا فلير عليك، وابدأ بمن تعول، وارضخ من الفضل، ولا تلام على الكفاف" .
وأخرج ، أبو داود ، وابن حبان ، عن والحاكم مالك بن نضلة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " الأيدي ثلاثة ؛ فيد الله العليا، ويد المعطي التي تليها، ويد السائل السفلى، فأعط الفضل، ولا تعجز عن نفسك" .
وأخرج أحمد، ، وأبو داود ، والنسائي وصححه، عن والحاكم قال : أبي سعيد الخدري [ ص: 553 ] وأخرج دخل رجل المسجد، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم الناس أن يطرحوا ثيابا، فطرحوا، فأمر له منها بثوبين، ثم حث على الصدقة، فجاء فطرح أحد الثوبين، فصاح به، وقال : " خذ ثوبك" . أبو داود، ، والنسائي وصححه، عن والحاكم قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " عبد الله بن عمرو كفى بالمرء إثما أن يضيع من يعول" .
وأخرج عن البزار، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " سعد بن أبي وقاص اليد العليا خير من اليد السفلى، وابدأ بمن تعول" .
وأخرج أحمد، ، ومسلم ، عن والترمذي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " أبي أمامة، يا ابن آدم، إنك أن تبذل الفضل خير لك، وأن تمسكه شر لك، ولا تلام على كفاف، وابدأ بمن تعول، واليد العليا خير من اليد السفلى" .
وأخرج ابن عدي، في "الشعب"، عن والبيهقي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " عبد الرحمن بن عوف، يا إنك من الأغنياء، ولن تدخل الجنة إلا زحفا، فأقرض الله يطلق لك قدميك؟" . قال : وما الذي أقرض يا رسول الله؟ قال : " تبرأ مما أمسيت فيه" . قال : " أمن كله أجمع يا رسول الله؟ قال : "نعم" ، فخرج، وهو يهم بذلك، فأتاه ابن عوف، جبريل، فقال : مر فليضف الضيف، وليطعم المساكين، وليعط السائل، وليبدأ بمن يعول، فإنه إذا فعل ذلك [ ص: 554 ] كان تزكية مما هو فيه . ابن عوف
وأخرج في "الشعب"، عن البيهقي ركب المصري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " طوبى لمن تواضع من غير منقصة، وذل في نفسه من غير مسكنة، وأنفق مالا جمعه في غير معصية، ورحم أهل الذلة والمسكنة، وخالط أهل الفقه والحكمة، طوبى لمن ذل في نفسه، وطاب كسبه، وصلحت سريرته، وكرمت علانيته، وعزل عن الناس شره، وأنفق الفضل من ماله، وأمسك الفضل من قوله" .
وأخرج عن البزار، قال : أبي ذر قلت : يا رسول الله، ما تقول في الصلاة؟ قال : " تمام العمل" ، قلت : يا رسول الله، أسألك عن الصدقة؟ قال : " الصدقة شيء عجيب" . قلت : يا رسول الله , تركت أفضل عمل في نفسي أو خيره . قال : " ما هو؟" . قلت : الصوم . قال : " خير وليس هناك" . قلت : يا رسول الله، وأي الصدقة – وذكر كلمة-قلت : فإن لم أقدر؟ قال : " بفضل طعامك" . قلت : فإن لم أفعل؟ قال : " بشق تمرة" ، قلت : فإن لم أفعل؟ قال : " بكلمة طيبة" ، قلت : فإن لم أفعل؟ قال : " دع الناس من الشر فإنها صدقة تصدق بها على نفسك" . قلت : فإن لم أفعل؟ قال : " تريد ألا تدع [ ص: 555 ] فيك من الخير شيئا" .
وأخرج أحمد، ، ومسلم ، والترمذي ، والنسائي ، من طريق وابن ماجه عن أبي قلابة، أبي أسماء، عن قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ثوبان قال أبو قلابة : وبدأ بالعيال، ثم قال أبو قلابة : وأي رجل أعظم أجرا من رجل ينفق على عيال صغار، يعفهم، أو ينفعهم الله به، ويغنيهم . أفضل دينار ينفقه الرجل؛ دينار ينفقه على عياله، ودينار ينفقه الرجل على دابته في سبيل الله، ودينار ينفقه الرجل على أصحابه في سبيل الله" .
وأخرج مسلم، ، عن والنسائي قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أبي هريرة وأخرج دينار أنفقته في سبيل الله، ودينار أنفقته في رقبة، ودينار تصدقت به على مسكين، ودينار أنفقته على أهلك، أعظمها أجرا الذي أنفقته على أهلك" . عن مسلم، قال : خيثمة إذ جاءه قهرمان له، فدخل فقال : أعطيت الرقيق قوتهم؟ قال : لا . قال : فانطلق فأعطهم . وقال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " كفى بالمرء إثما أن يحبس عمن يملك قوته" . عبد الله بن عمرو كنا جلوسا مع
[ ص: 556 ] وأخرج في "شعب الإيمان"، عن البيهقي كدير الضبي قال : ويباعدني عن النار . قال : " تقول العدل، وتعطي الفضل" . قال : هذا شديد، لا أستطيع أن أقول العدل كل ساعة، ولا أن أعطي فضل مالي . قال : " فأطعم الطعام، وأفش السلام" . قال : وهذا شديد والله . قال : " هل لك من إبل؟" . قال : نعم ، قال : " انظر بعيرا من إبلك وسقاء، فاسق أهل بيت لا يشربون إلا غبا، فلعلك ألا يهلك بعيرك، ولا ينخرق سقاؤك حتى تجب لك الجنة" ، قال : فانطلق يكبر، ثم إنه استشهد بعد . نبئني بعمل يدخلني الجنة، أتى أعرابي النبي صلى الله عليه وسلم، فقال :
وأخرج عن ابن سعد، طارق بن عبد الله قال : أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو يخطب فسمعت من قوله : " تصدقوا فإن الصدقة خير لكم، واليد العليا خير من اليد السفلى، وابدأ بمن تعول؛ أمك وأباك وأختك وأخاك، ثم أدناك فأدناك" .