قوله تعالى : ثم أنزل عليكم الآية .
أخرج عن ابن جرير ، أن المشركين انصرفوا يوم السدي أحد بعد الذي كان من أمرهم وأمر المسلمين، فواعدوا النبي صلى الله عليه وسلم بدرا من قابل، فقال لهم : «نعم» فتخوف المسلمون أن ينزلوا المدينة، فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا، [ ص: 77 ] فقال : «انظر فإن رأيتهم قد قعدوا على أثقالهم وجنبوا خيولهم، فإن القوم ذاهبون، وإن رأيتهم قد قعدوا على خيولهم وجنبوا على أثقالهم فإن القوم ينزلون المدينة، فاتقوا الله واصبروا» ووطنهم على القتال، فلما أبصرهم الرسول قعدوا على الأثقال سراعا عجالا، نادى بأعلى صوته بذهابهم، فلما رأى المؤمنون ذلك صدقوا نبي الله صلى الله عليه وسلم فناموا وبقي أناس من المنافقين يظنون أن القوم يأتونهم، فقال الله يذكر حين أخبرهم النبي صلى الله عليه وسلم : ثم أنزل عليكم من بعد الغم أمنة نعاسا يغشى طائفة منكم وطائفة قد أهمتهم أنفسهم .
وأخرج عن ابن جرير في الآية قال : أمنهم الله يومئذ بنعاس غشاهم بعد خوف، وإنما ينعس من يأمن . ابن عباس
وأخرج ، ابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، والطبراني في "الدلائل" عن والبيهقي قال : سألت المسور بن مخرمة عن قول الله : عبد الرحمن بن عوف ثم أنزل عليكم من بعد الغم أمنة نعاسا قال : ألقي علينا النوم يوم أحد .
[ ص: 78 ] وأخرج ، ابن أبي شيبة ، وعبد بن حميد ، والبخاري ، والترمذي ، والنسائي ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وابن حبان ، والطبراني ، وأبو الشيخ ، وابن مردويه وأبو نعيم، كلاهما في "الدلائل"، عن والبيهقي أن أنس أبا طلحة قال : غشينا ونحن في مصافنا يوم أحد، حدث أنه كان ممن غشيه النعاس يومئذ قال : فجعل سيفي يسقط من يدي وآخذه، ويسقط وآخذه، فذلك قوله : ثم أنزل عليكم من بعد الغم أمنة نعاسا يغشى طائفة منكم والطائفة الأخرى المنافقون، ليس لهم هم إلا أنفسهم؛ أجبن قوم وأرعبه، وأخذله للحق، يظنون بالله غير الحق ظن الجاهلية كذبهم، إنما هم أهل شك وريبة في الله .
وأخرج ابن سعد، ، وابن أبي شيبة ، وعبد بن حميد وصححه، والترمذي ، والطبراني وصححه، والحاكم ، وابن مردويه وأبو نعيم، ، معا في "الدلائل" من طريق والبيهقي ثابت عن عن أنس قال : رفعت رأسي يوم أحد فجعلت أنظر وما منهم من أحد إلا وهو يميد تحت حجفته من النعاس، فذلك قوله : أبي طلحة ثم أنزل عليكم من بعد الغم أمنة نعاسا .
[ ص: 79 ] وأخرج وصححه، الترمذي ، وابن جرير ، وأبو الشيخ في "الدلائل"، عن والبيهقي قال : رفعت رأسي يوم أحد فجعلت أنظر، وما منهم أحد إلا وهو يميد تحت حجفته من النعاس، وتلا هذه الآية : الزبير بن العوام ثم أنزل عليكم من بعد الغم أمنة نعاسا الآية .
وأخرج ، ابن إسحاق وابن راهويه، ، وعبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ ، وابن مردويه وأبو نعيم، في "الدلائل" عن والبيهقي قال : لقد رأيتني مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حين اشتد الخوف علينا أرسل الله علينا النوم؛ فما منا من رجل إلا ذقنه في صدره، فوالله إني لأسمع قول معتب بن قشير ما أسمعه إلا كالحلم : لو كان لنا من الأمر شيء ما قتلنا ها هنا . فحفظتها منه، وفي ذلك أنزل الله : الزبير ثم أنزل عليكم من بعد الغم أمنة نعاسا إلى قوله : ما قتلنا ها هنا لقول معتب بن قشير .
وأخرج ، عن عبد بن حميد أنه قرأ في "آل عمران" : " أمنة نعاسا تغشى " بالتاء . إبراهيم،
وأخرج ، عبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، عن والطبراني في الآية قال : ابن مسعود والنعاس في الصلاة من الشيطان . النعاس عند القتال أمنة من الله،
[ ص: 80 ] وأخرج ، ابن جرير ، عن وابن المنذر قال : إن المنافقين قالوا ابن جريج لعبد الله بن أبي - وكان سيد المنافقين - في أنفسهم : قتل اليوم بنو الخزرج . فقال : وهل لنا من الأمر شيء، أما والله لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل . وقال : لو كنتم في بيوتكم لبرز الذين كتب عليهم القتل .
وأخرج عن ابن جرير قتادة والربيع في قوله : ظن الجاهلية قالا : ظن أهل الشرك .
وأخرج ، ابن إسحاق عن وابن أبي حاتم قال : ابن عباس معتب الذي قال يوم أحد : لو كان لنا من الأمر شيء ما قتلنا ها هنا . فأنزل الله : في ذلك من قولهم : وطائفة قد أهمتهم أنفسهم يظنون بالله إلى آخر القصة .
وأخرج عن ابن أبي حاتم في قوله : الربيع يخفون في أنفسهم ما لا يبدون لك كان مما أخفوا في أنفسهم أن قالوا : لو كان لنا من الأمر شيء ما قتلنا ها هنا .
وأخرج عن ابن أبي حاتم ، أنه سئل عن هذه الآية فقال : لما قتل من قتل من أصحاب الحسن محمد أتوا عبد الله بن أبي، فقالوا له : ما ترى؟ فقال : إنا - والله - ما نؤامر، لو كان لنا من الأمر شيء ما قتلنا ها هنا .
[ ص: 81 ] وأخرج عن ابن جرير ، أنه سئل عن قوله : الحسن قل لو كنتم في بيوتكم لبرز الذين كتب عليهم القتل إلى مضاجعهم قال : كتب الله على المؤمنين أن يقاتلوا في سبيله، وليس كل من يقاتل يقتل، ولكن يقتل من كتب الله عليه القتل .