( في بيوت ) متعلق بما قبله أي كمشكاة في بعض بيوت ، أو توقد في بعض بيوت فيكون تقييد للممثل به بما يكون تحبيرا ومبالغة فيه فإن قناديل المساجد تكون أعظم ، أو تمثيلا لصلاة المؤمنين أو أبدانهم بالمساجد ، ولا ينافي جمع البيوت وحدة المشكاة إذ المراد بها ما له هذا الوصف بلا اعتبار وحدة ولا كثرة أو بما بعده وهو يسبح ، وفيها تكرير مؤكد لا بيذكر لأنه من صلة أن لا فلا يعمل فيما قبله أو بمحذوف مثل سبحوا في بيوت ، والمراد بها المساجد لأن الصفة تلائمها . وقيل المساجد الثلاثة والتنكير للتعظيم . ( أذن الله أن ترفع ) بالبناء أو التعظيم . ( ويذكر فيها اسمه ) عام فيما يتضمن ذكره حتى المذاكرة في أفعاله والمباحثة في أحكامه . ( يسبح له فيها بالغدو والآصال ) ينزهونه أي يصلون له فيها بالغدوات والعشيات ، والغدو مصدر أطلق للوقت ولذلك حسن اقترانه بالآصال وهو جمع أصيل ، وقرئ «والإيصال » وهو الدخول في الأصيل وقرأ ابن عامر وأبو بكر «يسبح » بالفتح على إسناده إلى أحد الظروف الثلاثة ورفع رجال بما يدل عليه ، وقرئ ( تسبح ) بالتاء مكسورا لتأنيث الجمع ومفتوحا على إسناده إلى أوقات الغدو .
( رجال لا تلهيهم تجارة ) لا تشغلهم معاملة رابحة . ( ولا بيع عن ذكر الله ) مبالغة بالتعميم بعد التخصيص إن أريد به مطلق المعارضة ، أو بإفراد ما هو الأهم من قسمي التجارة فإن الربح يتحقق بالبيع ويتوقع بالشراء ، وقيل المراد بالتجارة الشراء فإنه أصلها ومبدؤها ، وقيل الجلب لأنه الغالب فيها ومنه يقال [ ص: 109 ]
تجر في كذا إذا جلبه وفيه إيماء بأنهم تجار . ( وإقام الصلاة ) عوض فيه الإضافة من التاء المعوضة عن العين الساقطة بالإعلال كقوله :
وأخلفوك عد الأمر الذي وعدوا
( وإيتاء الزكاة ) ما يجب إخراجه من المال للمستحقين . ( يخافون يوما ) مع ما هم عليه من الذكر والطاعة . ( تتقلب فيه القلوب والأبصار ) تضطرب وتتغير من الهول ، أو تتقلب أحوالها فتفقه القلوب ما لم تكن تفقه وتبصر الأبصار ما لم تكن تبصر ، أو تتقلب القلوب مع توقع النجاة وخوف الهلاك والأبصار من أي ناحية يؤخذ بهم ويؤتى كتابهم .
( ليجزيهم الله ) متعلق بيسبح أو لا تلهيهم أو يخافون . ( أحسن ما عملوا ) أحسن جزاء ما عملوا الموعود لهم من الجنة . ( ويزيدهم من فضله ) أشياء لم يعدهم بها على أعمالهم ولم تخطر ببالهم . ( والله يرزق من يشاء بغير حساب ) تقرير للزيادة وتنبيه على كمال القدرة ونفاذ المشيئة وسعة الإحسان .