قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون
قل يا أهل الكتاب يعم أهل الكتابين. وقيل يريد به وفد نجران، أو يهود المدينة. تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم لا يختلف فيها الرسل والكتب ويفسرها ما بعدها. ألا نعبد إلا الله أن نوحده بالعبادة ونخلص فيها. ولا نشرك به شيئا ولا نجعل غيره شريكا له في استحقاق العبادة ولا نراه أهلا لأن يعبد.
ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله ولا نقول عزير ابن الله، ولا المسيح ابن الله، ولا نطيع الأحبار فيما أحدثوا من التحريم والتحليل لأن كلا منهم بعضنا بشر مثلنا.
روي أنه لما نزلت اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله قال ما كنا نعبدهم يا رسول الله قال: «أليس يحلون لكم ويحرمون فتأخذون بقولهم؟ قال: نعم، قال: هو ذاك». عدي بن حاتم:
فإن تولوا عن التوحيد. فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون أي لزمتكم الحجة فاعترفوا بأنا مسلمون دونكم، أو اعترفوا بأنكم كافرون بما نطقت به الكتب وتطابقت عليه الرسل.
(تنبيه: انظر إلى ما راعى في هذه القصة من المبالغة في الإرشاد وحسن التدرج في الحجاج بين: أولا، أحوال عيسى عليه الصلاة والسلام وما تعاور عليه من الأطوار المنافية للألوهية، ثم ذكر ما يحل عقدتهم ويزيح شبهتهم، فلما رأى عنادهم ولجاجهم دعاهم إلى المباهلة بنوع من الإعجاز، ثم لما أعرضوا عنها وانقادوا بعض الانقياد عاد عليهم بالإرشاد وسلك طريقا أسهل وألزم بأن دعاهم إلى ما وافق عليه عيسى والإنجيل وسائر الأنبياء والكتب، ثم لما لم يجد ذلك أيضا عليهم وعلم أن الآيات والنذر لا تغني عنهم أعرض عن ذلك وقال فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون.