يا أيها الذين آمنوا إذا ضربتم في سبيل الله فتبينوا ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمنا تبتغون عرض الحياة الدنيا فعند الله مغانم كثيرة كذلك كنتم من قبل فمن الله عليكم فتبينوا إن الله كان بما تعملون خبيرا
[ ص: 91 ] يا أيها الذين آمنوا إذا ضربتم في سبيل الله سافرتم وذهبتم للغزو. فتبينوا فاطلبوا بيان الأمر وثباته ولا تعجلوا فيه. وقرأ حمزة فتثبتوا في الموضعين هنا، وفي «الحجرات» من التثبت. والكسائي ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لمن حياكم بتحية الإسلام. وقرأ نافع وابن عامر السلم بغير الألف أي الاستسلام والانقياد وفسر به السلام أيضا. وحمزة لست مؤمنا وإنما فعلت ذلك متعوذا. وقرئ «مؤمنا» بالفتح أي مبذولا له الأمان. تبتغون عرض الحياة الدنيا تطلبون ماله الذي هو حطام سريع النفاذ، وهو حال من الضمير في تقولوا مشعر بما هو الحامل لهم على العجلة وترك التثبت. فعند الله مغانم لكم كثيرة تغنيكم عن قتل أمثاله لماله. كذلك كنتم من قبل أي أول ما دخلتم في الإسلام تفوهتم بكلمتي الشهادة فحصنت بها دماؤكم وأموالكم من غير أن يعلم مواطأة قلوبكم ألسنتكم. فمن الله عليكم بالاشتهار بالإيمان والاستقامة في الدين. فتبينوا وافعلوا بالداخلين في الإسلام كما فعل الله بكم، ولا تبادروا إلى قتلهم ظنا بأنهم دخلوا فيه اتقاء وخوفا، فإن إبقاء ألف كافر أهون عند الله من قتل امرئ مسلم. وتكريره تأكيد لتعظيم الأمر وترتيب الحكم على ما ذكر من حالهم. إن الله كان بما تعملون خبيرا عالما به وبالغرض منه فلا تتهافتوا في القتل واحتاطوا فيه.
روي (أن سرية رسول الله صلى الله عليه وسلم غزت أهل فدك فهربوا وبقي ثقة بإسلامه، فلما رأى الخيل ألجأ غنمه إلى عاقول من الجبل وصعد، فلما تلاحقوا به وكبروا كبر ونزل وقال: لا إله إلا الله مرداس محمد رسول الله السلام عليكم فقتله واستاق غنمه. أسامة وقيل نزلت في مر برجل في غنيمة فأراد قتله فقال: لا إله إلا الله. فقتله وقال: ود لو فر بأهله وماله. وفيه دليل على المقداد وأن صحة إيمان المكره المجتهد قد يخطئ وأن خطأه مغتفر.