إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما
إن الله وملائكته وقرئ: (وملائكته) بالرفع عطفا على محل إن واسمها عند الكوفيين، وحملا على حذف الخبر ثقة بدلالة ما بعده عليه على رأي البصريين. يصلون على النبي قيل: الصلاة من الله الرحمة، ومن الملائكة الاستغفار، وقال رضي الله عنهما: أراد أن الله يرحمه، والملائكة يدعون له. وعنه أيضا: يصلون يبركون. وقال ابن عباس صلاة الله [ ص: 114 ] تعالى عليه ثناؤه عليه عند الملائكة، وصلاتهم دعاؤهم له. فينبغي أن يراد بها في يصلون معنى يجازي عام يكون كل واحد من المعاني المذكورة فردا حقيقا له، أي: يعتنون بما فيه خيره وصلاح أمره، ويهتمون بإظهار شرفه، وتعظيم شأنه، وذلك من الله سبحانه بالرحمة، ومن الملائكة بالدعاء والاستغفار. أبو العالية:
يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه اعتنوا أنتم أيضا بذلك فإنكم أولى به. وسلموا تسليما قائلين: اللهم صل على محمد وسلم، أو نحو ذلك. وقيل: المراد بالتسليم: انقياد أمره. والآية دليل على وجوب الصلاة والسلام عليه مطلقا من غير تعرض لوجوب التكرار وعدمه ، وقيل: يجب ذلك كلما جرى ذكره لقوله صلى الله عليه وسلم: وقوله صلى الله عليه وسلم: «رغم أنف رجل ذكرت عنده فلم يصل علي». ويروى أنه صلى الله عليه وسلم قال: «من ذكرت عنده فلم يصل علي فدخل النار، فأبعده الله». ومنهم من قال: يجب في كل مجلس مرة، وإن تكرر ذكره صلى الله عليه وسلم كما قيل في آية السجدة. وتشميت العاطس، وكذلك في كل دعاء في أوله وآخره. ومنهم من قال: بالوجوب في العمر مرة، وكذا قال في إظهار الشهادتين والذي يقتضيه الاحتياط، ويستدعيه معرفة علو شأنه صلى الله عليه وسلم أن يصلى عليه كلما جرى ذكره الرفيع . وأما الصلاة عليه في الصلاة بأن يقال: اللهم صل على «وكل الله تعالى بي ملكين فلا أذكر عند مسلم فيصلي علي إلا قال ذانك الملكان: غفر الله لك، وقال الله تعالى وملائكته جوابا لذينك الملكين: آمين، ولا أذكر عند مسلم فلا يصلي علي إلا قال ذانك الملكان: لا غفر الله لك. وقال الله تعالى وملائكته جوابا لذينك الملكين: آمين». محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد. فليست بشرط في جواز الصلاة عندنا. وعن رحمه الله: أن الصحابة كانوا يكتفون عن ذلك بما في التشهد؛ وهو السلام عليك أيها النبي. وأما إبراهيم النخعي رحمه الله فقد جعلها شرطا. وأما الصلاة على غير الأنبياء عليهم الصلاة والسلام فتجوز تبعا، وتكره استقلالا; لأنه في العرف شعار ذكر الرسل، ولذلك كره أن يقال: الشافعي محمد عز وجل مع كونه عزيزا جليلا.